أو فرارا من عقابه أو لنحو ذلک من الدواعی الالهیة، فارادة صدور الفعل عن العبد بتوسط ارادته علة لان یصیر المولی فی مقام احداث الداعی فی نفس المکلف، و أن یرید بعثه و تحریکه نحو العمل لیمتثله المکلف بعد العلم به، و لاتکفی نفس ارادة الفعل منه علی النحو المزبورأقول: لایخفی أن تسمیة اشتیاق المولی صدور الفعل عن عبده بتوسیط ارادته بالارادة لاتخلو عن مسامحة ؛ لما هو المحقق فی محله من الفرق البین بین الشوق "وان کان مؤکدا" و بین الارادة ؛ فان الارادة حالة اجماعیة للنفس لاتنفک من الفعل أبدا، بخلاف الشوق المؤکد فانه مع کمال تأکده قد ینفک منه الفعل لوجود بعض الموانع. و ما ینقدح فی نفس المولی بالنسبة الی فعل العبد هو الشوق المؤکد ثم ارادة البعث دون ارادة الفعل، و انما تنقدح ارادة الفعل فی نفس الفاعل، و هی العلة لصدور الفعل عنه دون الشوق المؤکد المنقدح فی نفسه أو نفس المولی، فانه قد ینفک منه الفعل؛ و انفکاک المعلول من العلة محال. و ما قد یتعلق بأمر استقبالی فیظن کونه ارادة فانما هو مصداق للشوق المؤکد والمحبة لا الارادة، اذ الارادة انما هی الحالة المستعقبة للفعل بلافصل بینهما، و علیک بالتأمل التام، حتی لایختلظ علیک الامر، و تمیز بین المحبة و الشوق و بین الارادة . و لیعلم أیضا أنه من الاشتباهات الجاریة علی الالسنة جعل الکراهة فی قبال الارادة، مع أنها فی قبال الشوق والمحبة . ح ع - م. فی صدور عن العبد بارادته؛ مالم تتولد منها الارادة الثانیة متعلقة بانشاء البعث و التحریک، فاللازم علی المولی بعد ارادة الفعل ارادة البعث ثم انشائه حتی یصیر داعیا للمکلف، و الارادة التشریعیة لیست عبارة عن ارادة صدور الفعل عن المکلف، بل هی عبارة عن الارادة الثانیة المتولدة منها، أعنی ارادة البعث و التحریک لایجاد الداعی فی نفس المکلف، و ما یکون وزانها وزان الارادة التکوینیة انما هی الارادة الاولی - أعنی ارادة الفعل - لا الارادة الثانیة - أعنی ارادة البعث -، فان البعث لیس الا لایجاد الداعی فی نفس المکلف و هذا الغرض یحصل بانشاء بعث واحد متعلق بالفعل المطلوب، من دون احتیاج الی تحریکات متعددة بعدد المقدمات؛ لما عرفت سابقا من أن نفس الامر المتعلق بذی المقدمة کاف فی ایجاد الداعی بالنسبة الی المقدمات أیضا، فتأمل.
الرابع: من الادلة، الوجدان، و تقریبه أنا اذا راجعنا وجداننا نری أن المولی اذا أمر بشئ له مقدمات، تکون هذه المقدمات أیضا مطلوبة له، بمعنی أن له حالة بعثیة بالنسبة الیها، بحیث لو التفت الیها لارادها و أمر بها، فهی واجبة و مرادة بوجوب تبعی و ارادة تبعیة و ان لم تکن ملتفتا الیها فعلا؛ و لذلک قد تراه یجعلها فی قالب الطلب مستقلا، فیقول مثلا: ادخل السوق و اشتر اللحم.
و فیه: أنا لانسلم شهادة الوجدان علی وجوب المقدمة، بل هو من أقوی الشواهد علی عدمه،