عدم وصول زمان الاتیان بذیها، کالحکم بوجوب الغسل فی لیالی شهر رمضان قبل طلوع الفجر، مع کون زمان الصوم من الفجر الی اللیل؛ و کوجوب طی المسافة للحج قبل وصول ذی الحجة، و کوجوب شراء الزاد و الراحلة قبله، و قد صارت هذه الموارد و نظائرها موجبة للتحیر و الاشکال.
تقریب الاشکال: أنه کیف تجب المقدمة مع عدم وجوب ذیها من جهة عدم وصول وقته، فتفصی صاحب الفصول عن هذا الاشکال بتصویر الواجب المعلق، فالوجوب عنده فی هذه الموارد حالی و الواجب استقبالی، و قد عرفت منا عدم الاحتیاج الی تصویر الواجب المعلق، بل یمکن أن یقال ان الوجوب مشروط بنفس الامر الاستقبالی، و لکن بنحو الشرط المتأخر، و الشرط المتأخر متصور لما عرفت من عدم الدلیل علی اعتبار المقارنة فی غیر العلة التامة، و قد عرفت أیضا أن من أمثلة الشرط المتأخر قدرة المکلف علی الفعل، فانه شرط متأخر للتکلیف، حیث ان المراد منها هی القدرة حین العمل لاحین الامر.
و یمکن أن یجاب عن الاشکال أیضا بالالتزام بکون المقدمة فی هذه الموارد واجبة بالوجوب النفسی التهیؤی، و قد أمر بها الشارع، لئلا یفوت الواجب حین وصول وقته، و یسمی هذا الوجوب بالوجوب للغیر، و یفترق عن الوجوب الغیری، کما لایخفی.
2 - الواجب النفسی و الغیری
و من التقسیمات التی ذکروها ایضا للواجب، أنه اما نفسی أو غیری و قد عرفوهما بما حاصله: أن الواجب النفسی ما تعلق به الوجوب و البعث لذاته و لما هو هو، و الواجب الغیری ما تعلق به البعث لا لذاته، بل للتوصل به الی واجب آخر کالواجبات المقدمیة . و استشکل علی التعریفین بما ملخصه: أن الواجبات النفسیة علی قسمین: قسم منها ما هو المحبوب ذاتا و صار حبه الذاتی داعیا الی البعث نحوه، کوجوب المعرفة مثلا، و قسم منها ما لیس محبوبا بذاته بل من جهة ترتب فوائد علیها بها صارت واجبة مثل الصلاة و الصوم، بل و غالب الواجبات الشرعیة المبعوثة الیها؛ لما فیها من الخواص و الاثار.
اما القسم الاول: فهو مما ینطق علیه تعریف النفسی بلا اشکال.
و اما القسم الثانی: فالتعریف لا ینطق علیه، بل ینطق علیه تعریف الغیری؛ فانه ان لم تکن غایاتها لازمة الحصول لم تجب؛ اذ ما هو المحبوب و المقصود ذاتا من البعث نحو المحصلات، و