و قد تبین لک آنفا أن الاسباب فی الافعال التولیدیة یجوز تقدمها علی المسببات، کما فی مثال رمی السهم الواصل الی الهدف (الذی أرید قتله به) بعد مدة من الزمان.
والحاصل: أن اقتضاء العلیة لکون جزء العلة مقارنا للمعلول بحسب الزمان غیر معلوم، و من أین ثبت عدم جواز تقدمه أو تأخره ؟ ألاتری فی العلة الغائیة أنها متأخرة عن معلولها، و مع ذلک لم تخرج من کونها علة .
فان قلت: لیست العلة الغائیة بوجودها الخارجی علة، بل بوجودها العلمی، و لذا لو تخیل أحد ترتب غایة علی فعله لاثر هذا الخیال فی صدور الفعل عنه، و ان انکشف بعد حصوله أن الغایة المتخیلة لاتترتب علیه.
قلت: لیس العلم بالغایة بما هو علم بها مؤثرا فی وجود الفعل، بل بما هو طریق الیها و مرآة لهایمکن أن یقال: ا ن العلم قد یکون تمام الموضوع لشئ أو لحکم، و لکن لابما أنه صفة لذات العالم فی قبال سائر الصفات النفسانیة، بل بما أنه طریق الی الواقع. مثال ذلک ان العلم بوجود السبع تمام الموضوع للخوف و الوحشة، فانه یؤثر فی الخوف و ان کان الواقع عدم وجود السبع، و لکن تأثیر هذا العلم فی نفس الخائف لیس بما أنه علم وصفة کمال من صفات النفس، بل بما أنه مرآة للواقع و هو وجود السبع. و علی هذا فیمکن القول بأن العلم فی العلة الغائیة أیضا من هذا القبیل؛ لکفایته فی وجود المعلول، و ان ظهر بعد ذلک عدم ترتبها علی الفعل. ح ع - م. و الشاهد علی ذلک أن المؤثر فی فعل الحکیم العالم بالعواقب الذی لایتصور فی علمه مخالفة الواقع هو نفس الغایة لاعلمه بها بما هو علم وصفة کمال لذاته.
والحاصل: أنه قد ظهر لک مما ذکرناه عدم ورود اشکال فی الشرط المتقدم أو المتأخر بحسب الزمان؛ فان الذی یعتبر فیه هو التقدم الرتبی لاغیر.
نعم: یعتبر فی العلة التامة فقط تقارنها مع المعلول زمانا کما عرفت.
دفع اشکال الشرط المتقدم أو المتأخر للتکلیف:
و لو سلم لزوم التقارن فی الشروط أیضا، فنحن أیضا فی مخلص من اشکال الشرط المتقدم أو المتأخر، و تفصیل ذلک هو أن یقال:
أما فی شرائط التکلیف: فالحق فی کل ما توهم شرطیتها له أنها لیست بشرائط وجوده بأن یکون التکلیف معلولا و هذه من أجزاء العلة لوجوده، بل الحق فیها أنها من قیود الموضوع فی