الجهة الثانیة : کیفیة وجوب المقدمة الداخلیة هل المقدمة الداخلیة و اجبة بالوجوب النفسی الضمنی الانبساطی، أو بالوجوب الغیری، أو بهما معا؟ فی المسألة أقوال، أجودها الاول لما مر فی مبحث الصحیح و الاعم، من أن الوجوب و ان کان واحدا حقیقة، و لکنه یتبعض بتبعض متعلقه، و ینبسط علی أجزائه، و مرتبة الوجوب النفسی متقدمة علی الوجوب الغیری؛ لکونه من ترشحاته، و علی هذا فلایبقی موضوع للوجوب الغیری.
و أرداء الاقوال ثانیها؛ اذ الکل لیس الا نفس الاجزاء فلو فرض کون کل واحد من الاجزاء واجبا بالوجوب الغیری فقط لم یبق موضوع للوجوب النفسی، حتی تترشح منه الوجوبات الغیریة .
2 - المقدمة العقلیة و الشرعیة و العادیة :
المقدمة اما عقلیة ان امتنع وجود ذی المقدمة بدونها عقلا کالعلة بالنسبة الی المعلول، و اما شرعیة ان امتنع وجوده بدونها شرعا کالطهارة بالنسبة الی الصلاة، و اما عادیة ان امتنع وجوده بدونها عادة کنصب السلم بالنسبة الی الصعود.
أقول: الظاهر رجوع الاخیرین أیضا الی الاول، أما الشرعیة، فلان امتناع وجود شئ بدون شئ آخر - الذی هو ملاک المقدمیة - لیس أمرا قابلا للجعل. بأن تکون الصلاة مثلا بما لها من الاثار و الغایات فی نفس الامر أمرا یتحقق بحسب الواقع بدون الطهارة أیضا، و مع ذلک یحکم الشارع تعبدا بامتناع وجودها بدونها؛ و علی هذا فحکم الشارع بامتناع الصلاة بدون الطهارة مثلا اما من جهة أنه أخذها قیدا للصلاة حین الامر بها، لدخالة لها فی المصلحة المترقبة منها، و اما من جهة أن عنوان الصلاة کان بحسب الواقع عنوانا بسیطا ینتزع عن الافعال المخصوصة، و کان انطباقها علیها فی نفس الامر متوقفا علی الطهارة فکشف الشارع عن ذلک، و علی کلا الوجهین تکون دخالة الطهارة عقلیة ؛ أما علی الثانی فواضح ؛ و أما علی الاول فلان استحالة وجود المقید بدون قیده تکون عقلیة .