القسم الثانی من التکالیف الظاهریة ما لایکون لها اصطکاک مع التکالیف الواقعیة، بل کانت هی بنفسها تکالیف مستقلة، کما اذا کان مفاد الامارة أو الاصل وجوب صلاة الجمعة، أو عدم وجوب الدعاء عند رؤیة الهلال، أو حرمة شئ أو عدم حرمته.
اذا ظهر لک القسمان فاعلم: أن القوم حینما أرادوا طرح النزاع فی مبحث الاجزاء قالو ان امتثال کل أمر یکون مجزیا بالنسبة الی نفسه، و أما اجزاء امتثال الامر الاضطراری أو الظاهری عن الامر الواقعی الاولی ففیه بحث. و عنوان المسألة بهذا الوجه غیرصحیح و هو الذی أوجب استبعاد الاجزاء؛ اذ لو فرض لنا أمران مستقلان، فلاوجه لاجزاء امتثال أحدهما عن الاخر، اذ سقوط کل أمر متوقف علی تحقق متعلق نفسه. و ما کان عند الاصحاب أیضا فی مسألة الاجزاء مطرحا للبحث و موردا للنفی و الاثبات، لیس هو صورة فرض أمرین لایرتبط أحدهما بالاخر، و انما کان بحثهم و نزاعهم فیما اذا کان لنا أمر واقعی معلوم متعلق بطبیعة ذات أجزاء و شرائط و موانع، ثم شککنا فی وجود جزء منها أو شرط أو مانع فقام الاصل أو الامارة علی تحقق الاولین أو عدم الثالث، أو شککنا فی جزئیة شئ أو شرطیته أو مانعیته لها، فقام الاصل أو الامارة علی عدم الجزئیة أو الشرطیة أو المانعیة مثلا، و فی جمیع هذه الصور لیس لنا الا أمر واحد واقعی معلوم، و مفاد الاصل أو الامارة توسعة دائرة ما هو المأمور به بهذا الامر.
فتلخص لک مما ذکرنا أن مورد البحث - فی مسألة الاجزاء - فی التکالیف الظاهریة هو القسم الاول منها.
اذا عرفت هذا فنقول: ان الحق فی هذا القسم بجمیع شقوقه هو الاجزاء - و اللازم علینا أولا هو الرجوع الی مقام الاثبات و الادلة المتکفلة لبیان الاحکام الظاهریة، فنظر فی أنها تکون ظاهرة فی الاجزاء أم لا؟.
فان کانت ظاهرة فیه نبحث ثانیا فی أنه هل یلزم محذور عقلی من الاخذ بهذا الظهور أو لایلزم ؟ فان لزم منه ذلک ترکناه، و الا عملنا علی طبق ماتقتضیه ظواهر الادلة .
و علی هذا فنقول: ان الشارع الذی أوجب علی المکلفین اتیان الصلاة مثلا، و جعلها عمودا للدین، و بین أجزأها و شرائطها و موانعها، اذا حکم لمن شک فی اتیان بعض الاجزاء بوجوب المضی و عدم الاعتناء، أو حکم لمن شک فی طهارة بدنه أو لباسه الذی یصلی فیه بأنه نظیف