صفحه ۱۳

وصف الجسمیة و هکذا؛ و لذلک تراهم یقولون: ان موضوع العلم الالهی بالمعنی الاعم هو الوجود؛ مع أن الوجود یصیر محمولا فی القضایا المعقودة .

و کذلک فی علم النحو؛ فان أول ما ینسبق الی ذهن المتتبع لاستعمالات العرب؛ انما هو اعراب آخر الکلمة، و الاختلافات الواقعة فیه: من المرفوعیة و المنصوبیة و المجروریة فتطلب فی علم النحو الخصوصیات التی بسببها یتحقق الاعراب و اختلافاته من الفاعلیة و المفعولیة و نحوهما؛ فالمسألة المعقودة و ان کانت بصورة قولنا: الفاعل مرفوع؛ لکن الموضوع حقیقة هو وصف المرفوعیة، فمحصل مسائل علم النحو هو أن ما یختلف آخر بالمرفوعیة و المنصوبیة و المجروریة انما یتعین بتعینات مختلفة : من الفاعلیة و المفعولیة و نحوهما، و أن المعرب بالاعراب الرفعی فاعل، و المعرب بالاعراب النصبی مفعول، و هکذا.

والحاصل: أن جامع المحمولات - أعنی الحیثیة المشترکة بین مسائل العلم - هو الذی ینسبق الی الذهن أولا؛ و یطلب فی العلم جهاته و تعیناته؛ فهو الموضوع للعلم، و التعینات المختلفة التی یجعل کل واحد منها موضوعا لمسألة، عوارض ذاتیة لموضوع العلم؛ لما عرفت فی المقدمة الرابعة أن کل واحد من الموضوع و المحمول فی المسألة عرض بالنسبة الی الاخر؛ و فی المقدمة الخامسة أن ما هو الموضوع حقیقة هو المعلوم من الامرین.

فتلخص مما ذکرنا أن تمایز العلوم بتمایز الموضوعات، أعنی بها جامع محمولات المسائل؛ و تمایز المسائل بتمایز الموضوعات فیها.

و قد تبین لک بما ذکرناه فساد ما ربما یتوهم فی المقام من أنه لم لایجوز أن تکون الجهة المشترکة بین مسائل العلم المائزة ایاها من سائر العلوم؛ عبارة عن الکلی الجامع لموضوعات المسائل و الجهة التی بها یمتاز کل مسألة من غیرها عبارة عن خصوصیات موضوعات المسائل، و علی هذا فتوجد کلتا الجهتین فی عقد الوضع، و یکون موضوع العلم عبارة عن الکلی الجامع لموضوعات المسائل.

توضیح الفساد: أنک قد عرفت أن موضوع العلم هو الحیثیة المعلومة التی یطلب فی العلم تعیناته؛ و یبحث فیه عن عوارضه التی تحمل علیه و لیس هذا الا ما هو الجامع للمحمولات؛ فانه الحیثیة المنسبقة الی الذهن، التی یبحث فی العلم عن عوارضها.

و الظاهر أن ما ذکرناه هو مراد القوم أیضا؛ حیث أضافوا قید الحیثیة فی بیان موضوع العلوم الادبیة ؛ فقولهم: ان موضوع علم النحو هو الکلمة من حیث الاعراب و البناء، و موضوع علم

ناوبری کتاب