صفحه ۱۲

خارج من ذات الاخر مفهوما، و متحد معه خارجا، فکل واحد منهما عرض ذاتی بالنسبة الی الاخر، بمعنی أنه لایکون عینا بالنسبة الی الاخر، و لاجزءا له. و کذلک کل واحد من وصفی الفاعلیة و المرفوعیة فی قولنا: "الفاعل مرفوع" یکون عرضا منطقیا بالنسبة الی الاخر، و هکذا فی جمیع مسائل العلوم، فالموضوعات فی مسائل کل علم أعراض ذاتیة لما هو الجامع بین محمولات مسائله، و لیست الموضوعات ذاتیه له؛ اذا الذاتی منحصر فی النوع و الجنس و الفصل بالنسبة الی النوع المؤلف منهما؛ و لاتجد مسألة من مسائل العلوم یکون الموضوع فیها نوع؛ او جنسا أو فصلا لجامع محمولات مسائل العلم؛ اذ کل واحد من نوع الشئ و جنسه و فصله البعید أعم منه، و الفصل القریب مساو لما فصل له؛ مع أنک تری أن موضوع کل مسألة أخص من جامع محمولات المسائل.

والحاصل: أن الموضوع فی کل مسألة عرض بالنسبة الی جامع محمولات المسائل و بالعکس. غایة الامر أن المتداول فی عقد القضیة جعل الاخص موضوعا و الاعم محمولا.

المقدمة الخامسة : أن المتداول و ان کان جعل الاخص موضوعا و الاعم محمولا، لکن النظم الطبیعی یقتضی جعل المعلوم من الامرین موضوعا، و المجهول منهما محمولا، فالموضوع بحسب الحقیقة هو المعلوم من الامرین، و المحمول هو تعینه المجهول الذی أرید فی القضیة اثباته؛ سواء کان الامر المجهول أعم بالنسبة الی الموضوع أو مساویا له.

ما هو الجامع بین مسائل العلوم ؟:

اذا عرفت هذه المقدمات تبین لک أن الحق مع القدماء؛ حیث قالوا: ان تمایز العلوم بتمایز الموضوعات؛ اذاالمراد بموضوع العلم هو ما یبحث فیه عن عوارضه الذاتیة و لیس هو الا عبارة عن جامع محمولات المسائل، الذی عرفت فی المقدمة الثانیة أن تمایز العلوم بتمایزه. و وجه کونه موضوعا أن جامع محمولات المسائل فی کل علم هو الذی ینسبق اولا الی الذهن، و یکون معلوما عنده، فیوضع فی وعاء الذهن، و یطلب فی العلم تعیناته و تشخصاته التی تعرض له. مثلا فی العلم الالهی بالمعنی الاعم یکون نفس الوجود معلوما لنا و حاضرا فی ذهننا؛ فنطلب فی العلم تعیناته و انقساماته اللاحقة له: من الوجوب، و الامکان، و الجوهریة، و العرضیة، و الجسمیة و و نحوها...، فصورة القضیة و ان کانت هی قولنا: "الجسم موجود" مثلا؛ لکن الموضوع حقیقة هو عنوان الموجودیة، فمحصل مسائله هو أن الوجود المعلوم لک، من خصوصیاته و تعیناته، وصف الجوهریة ؛ و من تعیناته

ناوبری کتاب