صفحه ۱۰۳

قلت: العلتان المختلفتان لایعقل أن یکون ما صدر عنهما متماثلین من جمیع الجهات، و یکون المایز بین المعلولین منحصرا فی کون أحدهما منتسبا الی العلة الکذائیة، و الاخر منتسبا الی العلة الکذائیة الاخری. ففیما نحن فیه لیس لاحد أن یقول: ان الطلب الوجوبی و الندبی متماثلان من جمیع الجهات، و انما یتصف الطلب الوجوبی بهذه الصفة بصرف انتسابه الی الارادة الشدیدة، و الطلب الندبی یتصف بهذه الصفة بصرف انتسابه الی الارادة الضعیفة، من دون أن یکون بینهما اختلاف من غیر جهة الانتساب؛ و ذلک لما عرفت من أن مرتبة المعلول بتمام ذاته تخالف مرتبة العلة . و لایمکن أن یکون صدور المعلول عن علته من مقوماته و فصوله، فتدبر.

فتلخص مما ذکرنا أن الاختلاف بین الوجوب و الندب بحسب مقام الثبوت بالتشکیک و لکن لا بالتشکیک الذاتی، بل بالتشکیک العرضی، أعنی بحسب المقارنات.

و اذا اتضح ذلک فیقع النزاع فی أن الطلب المجرد من المقارنات هل ینتزع عنه الوجوب أو الندب. بعد الاتفاق علی انتزاع الوجوب عن المقترن بالمقارنات الشدیدة و الاستحباب عن المقترن بالمقارنات الضعیفة . و الاظهر عندنا أن ما ینتزع عنه الوجوب و یکون تمام الموضوع لحکم العقلاء باستحقاق العقوبة علی مخالفته، هو نفس الطلب الانشائی الصادر عن المولی بداعی البعث - فی قبال الطلب الاستهزائی و نحوه - فیما اذا لم یقترن بالمقارنات المضعفة له من الاذن فی الترک و نحوه، من غیر فرق بین أن یقترن بالمقارنات الشدیدة أو لم یقترن بشئ اصلا، فالطلب المجرد أیضا ینتزع عنه الوجوب و یکون موضوعا لحکم العقلاء باستحقاق العقوبة بمخالفته، و ذلک لوضوح أن عتاب المولی و عقابه للعبد عند ترکه الامتثال للطلب البعثی غیرالمقترن بالاذن فی الترک، لایقعان عندالعقلاء موقع التقبیح، بل یرون العبد مستحقا للعتاب و العقاب، و علی هذا فلانحتاج فی مقام کشف الوجوب الی استظهار شئ زائد علی حقیقة الطلب، بل نفس الطلب مساوق للوجوب، و یکون تمام الموضوع حکم العقلاء باستحقاق العقوبة بمخالفته مالم ینضم الیه الاذن فی الترک، اما الندب فنحتاج فی کشفه الی استظهار أمر زائد علی حقیقة الطلب مثل الاذن فی الترک و نحوه، و بالجملة ما یحتاج الی المؤنة الزائدة هوالندب لا الوجوب. بل یمکن أن یقال ان الطلب البعثی مطلقا منشاء لانتزاع الوجوب و یکون تمام الموضوع لحکم العقلاء باستحقاق العقوبة، و انه معنی لایلائمه الاذن فی الترک، بل ینافیه؛ لوضوح عدم امکان اجتماع البعث والتحریک نحوالعمل مع الاذن فی الترک المساوق لعدم البعث.

ناوبری کتاب