صفحه ۱۰۲

"اضرب" قد یقوله ضاربا برجلیه الارض و محرکا رأسه و یدیه، و قد یقوله معقبا ایاه بقوله: "وان لم تفعل فلاجناح علیک ؛" و قد یقوله بدون هذه المقارنات؛ فینتزع عن الاول الوجوب، و عن الثانی الندب، و اختلف فی الثالث، و یستکشف من الاول شدة ارادة المولی، و من الثانی ضعفها، و من الثالث مرتبة متوسطة منها، و لکن لادخالة لذلک فی نفس حقیقة الوجوب و الندب اللذین هما قسمان من الطلب الانشائی بل الذی ینتزع عنه حیثیة الوجوب أو الندب هو نفس الامر الانشائی بلحاظ مقارناته کما عرفت.

والموضوع لحکم العقلاء باستحقاق العقوبة و عدمه أیضا نفس ذاک الامر الانشائی باعتبار مقارناته، فالطلب المقترن بالمقارنات الضعیفة موضوع لحکمهم بعدم الاستحقاق، و الطلب المجرد مختلف فیه، و قد ظهر مما ذکرنا أنه لیس للطلب بنفسه و بحسب الواقع - مع قطع النظر عن المقارنات - قسمان حتی تکون المقارنات الشدیدة أو الضعیفة قرینتین علیهما، و یکون القسم الثالث خالیا من القرینة ؛ اذ القرینة انما هی فیما اذا کان للفظ معنیان بحسب مقام الثبوت، فأقیمت القرینة للدلالة علی أحدهما فی مقام الاثبات، کما فی الالفاظ المشترکة والحقائق و المجازات، و ما نحن فیه لیس کذلک، اذ ما ینتزع عنه حیثیة الوجوب هو نفس الطلب الانشائی المقترن بالمقارنات الشدیدة فقط أو الاعم منه و من المجرد، لا أن الوجوب شئ واقعی یستعمل فیه الطلب الانشائی و یکون المقارن قرینة علیه، و کذلک ما ینتزع عنه الاستحباب هو نفس الطلب الانشائی المقترن بالمقارنات الضعیفة أو الاعم منه و من المجرد، لا أن الاستحباب امر واقعی یکون الطلب الانشائی مستعملا فیه والمقارن الضعیف قرینة علیه.

والحاصل: أن الوجوب أو الندب انما ینتزع عن الطلب الانشائی، بما هو فعل خاص، صادر عن المولی، لابما أنه لفظ استعمل فی معناه. و بعبارة أخری: الصیغة انما تستعمل فی الطلب استعمالا انشائیا فبها یوجد الطلب فی عالم الاعتبار، و الطلب و البعث سواء کان حقیقیا متحققا بأخذ ید المطلوب منه، و جره نحو العمل المقصود، أو انشائیا متحققا بمثل صیغة "افعل" و نحوها ربما ینتزع عنه الوجوب و یکون موضوعا لحکم العقلاء باستحقاق العقوبة بمخالفته، و ربما ینتزع عنه الندب کسائر العناوین المنتزعة عن الافعال الاختیاریة، و التفاوت فی الانتزاع انما هو باعتبار اختلاف المنتزع عنه من حیث الاقتران بالمقارنات و عدمه.

فان قلت: الظاهر أن الطلب الایجابی و الندبی لافارق بینهما بالنظر الی ذاتیهما بل الفرق بینهما بجهة علتهما، أعنی الارادة فالطلب الانشائی المسبب من الارادة الشدیدة ینتزع عنه الوجوب، و الطلب الانشائی المسبب من الارادة الضعیفة ینتزع عنه الندب.

ناوبری کتاب