الانسانیة و هی تمام ذاتیهما، و ممتازان بالعوارض المشخصة .
و هیهنا قسم رابع قد اختلف فی وجوده أهل المعقول؛ و هو أن یشترکا فی تمام الذات و یمتازا أیضا بتمام الذات، فیکون ما به الاشتراک عین ما به الامتیازقال فی المنظومة : المیز اما بتمام الذات - أو بعضها أو جاء بمنضمات - بالنقص و الکمال فی الماهیة - أیضا یجوز عند الاشراقیة ..
و بعبارة أخری یکون الامتیاز بین الحقیقتین المشترکتین فی تمام الذات، بکون الحقیقة کاملة و شدیدة فی احداهما، ناقصه وضعیفة فی الاخری، مثل الخط القصیر و الطویل؛ فانهما مشترکان فی الخطیة و ممتازان أیضا بالخطیة، و کالبیاض الشدید و الضعیف.
اذا عرفت هذا فنقول: قد یتوهم أن الامتیاز بین الوجوب و الندب اللذین هما قسمان من الطلب الانشائی بجزء ذاتیهما بأن یکونا مشترکین فی الجنس و هو الطلب؛ و یتفصل کل منهما بفصل مختص به، و ما یمکن أن یعدلهما فصلا أمور:
الاول: أن یکون الفصل للوجوب المنع من الترک، و للاستحباب الاذن فی الترک . و فیه: أن معنی کلمة المنع لیس الا التحریک نحو الترک أعنی طلب الترک، فاذا اضیف هذا الی لفظ الترک صار حاصل معناه طلب ترک الترک و هو عبارة أخری عن طلب الفعل المعد جنسا.
الثانی: أن یقال ان الوجوب هو الطلب الموجب لاستحقاق العقوبة عند مخالفته، و الاستحباب هو الطلب غیر الموجب له. و فیه: أن الوجوب بعد تحصله و صیرورته وجوبا یصیر موجبا لاستحقاق العقوبة، فایجاب الاستحقاق من لوازمه و آثاره لامن مقوماته.
الثالث: أن یقال ان الوجوب هو الطلب المسبوق بالارادة الشدیدة، و الاستحباب هو الطلب المسبوق بالارادة الضعیفة . و فیه: أن الارادة من العلل الباعثة علی الطلب، و المعلول بتمام ذاته متأخر عن العلة، و لایمکن أن یکون صدور المعلول عن علته من مقوماته و أجزائه.
و أضعف من هذا أن یقال: ان الوجوب هو الطلب المسبوق بالمصلحة الحتمیة، و الاستحباب هو الطلب المسبوق بالمصلحة غیرالملزمة .
و وجه الضعف أن المصالح و المفاسد متقدمة رتبة علی الارادة لکونها من عللها، فیکون الطلب متأخرا عن المصالح و المفاسد بمرتبتین، فلایصح عدها من مقومات الوجوب و الاستحباب، اللذین هما قسمان من الطلب.
و قد یتوهم کون امتیاز الوجوب و الندب بالشدة و الضعف کالخط الطویل و القصیر مثلا.