صفحه ۶۳

و هل یصح أن یوجب الشارع أحکاما علی الناس لجمیع الازمنة، و لکن یکون موضوع تلک الاحکام أمورا مجهولة لیست فی متناول أیدی الناس و لایمکن لهم الظفر به و العثور علیه و لاینطبق علی ما هو مراد الشریعة فی بدو الجعل و بعده الی أن تمضی سنون کثیرة ثم ینطبق علی ذلک فی العصور المتأخرة بسبب التطورات العلمیة و التقدمات الصناعیة و اطلاع الناس عن رؤیة الهلال فی قطر من أقطار العالم عن طریق "التلغراف"، "التلیفون"، "اللاسلکی"، "التلیفزیون"، "الهاتف النقال"، "الطابعة اللاسلکیة"، "شبکة انترنت" و غیرها من الادوات الاتصالیة ؟

و هل یمکن الالتزام ببطلان حج من حج برؤیة الهلال فی بلادهم لیلة الجمعة مثلا ثم ظهر أن أهل المغرب رأوا الهلال بعد ثمانی ساعات فی لیلة الخمیس، لعدم ادراکهم یوم عرفة و لیلة العید و یومه بحسب الواقع ؟

و ببیان آخر أن مقتضی قوله تعالی: (یسئلونک عن الاهلة قل هی مواقیت للناس و الحج...) البقرة (2): 189. أن علی الناس أن ینظموا أعمالهم الموقته بالشهور أو الایام الخاصة کالصوم و الحج و نحوهما علی الاهلة، و ما کان تحت اختیار الناس و اطلاعهم فی تلک الاعصار هی أهلة بلادهم و ما قاربها لا أهلة البلاد البعیدة التی لم یکن لهم فی تلک الاعصار طریق الی الاطلاع علیها.

و اختلاف البلاد فی تکون الهلال و رؤیته فی آفاقها کان أمرا ثابتا بحسب الواقع، فلو کان الموضوع للصوم و الحج و نحوهما الهلال المتکون و المرئی فی بلدما، و لو کان بعیدا جدا، للزم بطلان أعمالهم اذا عملوا بها

ناوبری کتاب