بشرائعه. والناس بفطرتهم متمایلون الی دین الحق، فلو وقفت أمام عرضه علیهم السلطات الکافرة أو الظالمة کما هو المشاهد غالبا فی المجتمعات، وجب قتالها ورفع شرها عن الامم. فالجهاد فی الاسلام للدفاع عن التوحید وعن حقوق المسلمین ولبسط العدالة، لا السلطة علی البلاد والعباد علی ما هو دأب المستعمرین الاصل فی الاسلام أن یعیش المسلم مع غیره بالسلم وأن یدعو الی العلاقات السلمیة، قال الله - تعالی - : (والصلح خیر) (النساء 4: 128) لان هذا الفضاء الهادی صالح للدعوة الی الاسلام والنیل الی أهدافه، فان الاسلام دین المنطق والبرهان، قال الله - تعالی - : (ادع الی سبیل ربک بالحکمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتی هی أحسن) (النحل 16: 125). نعم جوز الاسلام الحرب والقتال فی صورتین طبقا لحکم العقل أیضا: 1 - اذا وقف السلطات الظالمة والکافرة أمام دعوته الی الحق والعدالة وأرادوا محو الاسلام والداعین الیه، فأوجب علی المسلمین القتال والدفاع عن دینهم وأنفسهم وما یتعلق بهم بقدر الضرورة کما یحکم به العقل أیضا. 2 - اذا هجم علیهم الکفار وغیرهم للسلطة علیهم ولامحاء أرضیة طلب الحق والعدالة من دون أن یتعرضهم المسلمون ویدعوهم الی الاسلام، ففی هذه الصورة أیضا یجب القتال والدفاع شرعا وعقلا. وأما الغزو وتسییر الجیش للسلطة علی البلاد والعباد وثرواتها فمردود فی الاسلام أشد الرد، وما روجه المخالفون من أن الاسلام دین السیف لا البرهان، ادعاء محض لا دلیل له. فلیعلم أنه کان دأب المستعمرین المسیطرین فی سالف الزمان حتی الحرب العالمیة الثانیة تسییر الجیش لفتح البلاد والسلطة علیها، ولکن بعد الحرب العالمیة الثانیة غیروا اسلوبهم واستمروا علی داءبهم بشکل جدید یسمی بالاستعمار الجدید. فی هذا الاسلوب هجموا علی البلاد المتأخرة وسلطوا علیها طی مراحل نشیر الیها باختصار: أ - ایقافهم عن الرقی فی المجالات المختلفة الاقتصادیة والعلمیة والتقنینیة والصناعیة بایجاد أنواع الحصار والمنع. ب - جعلهم بحیث یطلبون منهم قضاء حوائجهم الضروریة فی هذه المجالات. ج - اجابتهم بعد أن جعلوهم منحازین الیهم بالمواثیق المؤکدة . د - السلطة علیهم. وفی هذه المرحلة یرتفعوا حوائجهم الی حد لا یقدروا أن ینافسوهم فی هذه المجالات. وفی هذه المسیرة کانوا یحملون ثقافتهم علی البلاد المتأخرة أیضا لئلا یمکن لهم الرجوع الی أنفسهم الا أن یتحملوا مؤونات کثیرة وخسارات لا تتحمل عادة . والبلاد الاسلامیة أیضا تکون من البلاد المتأخرة المبتلیة بهذا الداء منذ أواسط القرن العشرین، فنری البلاد الکافرة وثقافتهم فی عقر دارنا ومع الاسف لا نقدر علی دفعهم والدفاع عن القیم الاسلامیة والانسانیة مع أن ذلک واجب علینا - م - ..