الثالثة : السلطة القضائیة :
1 - الحاجة الیها:
لایخفی علی من راجع تواریخ الامم والاجیال فی العالم أن لامر القضاء وفصل الخصومات مکانة خاصة حساسة فی جمیع الامم والمجتمعات البشریة . والسر فی ذلک ان عالم الطبیعة عالم التزاحم والتصادم، والانسان فی طبعه مجبول علی الولع والطمع، وقد زین له حب الشهوات من النساء والضیاع والاموال، فربما یستفید الشخص من قوته وقدرته أو من غفلة غیره استفادة سوء فینزوا علی أموال الناس وحقوقهم.
مضافا الی أنه قد یشتبه الامر علیه فیتسلط علی مال غیره عن جهل وشبهة، ویستعقب ذلک التنازع والبغضاء، بل ربما یؤول الامر الی القتال واتلاف النفوس والاموال. فلا محیص عن وجود سلطة عالمة عادلة نافذة الامر تصلح بینهم أو تقضی بینهم بالحق والعدل فیرتفع النزاع ویجد کل ذی حق حقه.
2 - اهتمام الاسلام بالقسط والحق والحکم بهما:
قال الله - تعالی - : (لقد أرسلنا رسلنا بالبینات وأنزلنا معهم الکتاب والمیزان لیقوم الناس بالقسط، وأنزلنا الحدید فیه بأس شدید ومنافع للناس)الحدید 57: 25..
یظهر من الایة الشریفة أن من الاهداف الاساسیة لبعث الرسل وانزال الکتب ووضع الموازین المقررة، هو القسطبالتأمل فی الایة یظهر لنا أمران مهمان: 1 - انه لما کان من الاهداف الاساسیة لتشریع الادیان هو قیام الناس بالقسط فلابد أن تکون جهة فهم الاحکام واستنباطها واجرائها هو القسط. فکل ما یفهم من الاسلام ویعرض باسمه وهو ینافی هذا الهدف لیس من الاسلام. 2 - ان القسط أمر یفهمه العقل والعقلاء وکان عنصرا معروفا عند العقل مقبولا لدیه ولو لم یکن دین ولا شریعة، فالامر الیه أمر ارشادی - م - ..