والدفاع، فیطرح لهم المسائل، ولا یتبادر الی التصمیم والقرار قبل المشاورة وتبادل الافکار وتلاقحها.
نعم لما کان المسؤول مسؤولیة الحاکم تجاه الذین أعطوه الولایة تقتضی الدقة التامة لتشخیص ما هو الاصلح لهم واقعا ولا یمکن ذلک الا بعد الفحص والعمل الخبروی والمشاورات العدیدة، ومع ذلک فان بان خطأه بعد العمل، فللناس حقوق أشرنا الیها سابقا فراجع - م - . والمکلف هو الحاکم فالملاک بعد المشاورة واستماع الانظار المختلفة هو تشخیص نفسه، ولا یتعین علیه متابعة الاکثریة، ولا یلزم من ذلک کون الشوری بلا فائدة، اذ یترتب علیها مضافا الی جلب أنظار المشاورین واعطاء الشخصیة لهم، نضج الفکر والاطلاع علی جوانب الامر وعواقبه حتی یختار ما هو الاصلح بعد التأمل فی الانظار المختلفة والمقایسة بینهایمکن أن یقال: بناءا علی مبنی الاستاذ وهو تحقق الولایة ببیعة الناس فلهم أن یشترطوا فی عقد البیعة علی الحاکم العمل بنتیجة الشوری ومتابعة الاکثریة - م - ..
والله تعالی خاطب نبیه (ص) فقال: (وشاورهم فی الامر، فاذا عزمت فتوکل علی الله). فجعل العزم والقرار فی النهایة لشخص النبی الاکرم (ص)الهدف من المشورة والشوری فی غیر المعصومین (ع) هو اما کشف مصلحة الامور المتغیرة فی الظروف لیجعل علیها قانونا أو یحکم بها أحیانا فی المحاکم، أو کشف الصالح أو الاصلح من الافراد أو الاسالیب العملیة . ولکن بناءا علی تمرکز القوی العلمیة والعملیة فی شخص الحاکم (وهو نظریة الاستاذ فی مباحث الکتاب وفی هذا البحث) لا یتحقق هذا الهدف غالبا سیما اذا کان أخذ التصمیم النهائی أیضا الی الحاکم. وقد شاهدنا أن النظم الحکومی المبتنی علی تمرکز القوی لم یکن فی العمل ناجحا لان الفرد الواحد لم یقدر علی کشف جمیع المصالح وان کان أعلم الافراد، ولم یقدر علی الاصلح فی العمل والاجراء وان کان أقوی الافراد. ومن طرف آخر فان جعل الفرد الواحد مسؤولا فقط یسلب الشعور بالمسؤولیة وبالتکلیف عن الاخرین ویجعله وازرا لاوزار الجمیع وتحت الاضغاط الکاسرة التی تستعده بالاخرة للانفراد بالسلطة ولنفوذ الاخرین وللافساد باسمه. ولهذا الافرازات اطرح النظم الحکومی القائم بالفرد المجتمعات الراقیة . ولکن بالنظر الی مبنی آخر للاستاذ - دام ظله - وهو کون الحکومة أمر الناس وأمرهم شوری بینهم، اقترحنا نظریة توزیع القوی والسلطات الثلاث وجعل کل سلطة علی عاتق من انتخبه الشعب لها، فعلی هذا المبنی لابد أن یکون أخذ التصمیم فی کلها بالشوری والمشورة مع الشعب ففی القوتین القضائیة والتنفیذیة یجوز للشعب أن یشترطوا فی البیعة أن یکون أخذ القرار مشروطا بالمشاورة مع المخالف والموافق من الخبراء والعمل بنتیجة الشوری أو یکون مشروطا باستلفات نظر المستشارین أو المعاونین. وهذا الامر فی القوة التشریعیة أوضح اذ لیس أخذ القرار فیها الا شورائیا یؤخذ بنظر الاغلب: أغلبیة الثلثین، أو الاغلبیة المطلقة، أو الاغلبیة النسبیة، أو یعمل بنحو یجمع بین نظر الاغلب والاقل (حسب الموضوعات والمسائل). فعلی هذه النظریة تکون الشوری أساسا للحکومة وسلطاتها ومبدءا لجعل القوانین ومبنی لاخذ القرار وتنفیذها وادارة الامور - م - ..