وقال العلا مة الطباطبائی: "والکلمة مأخوذة من البیع بمعناه المعروف، فقد کان من داءبهم أنهم اذا أرادوا انجاز البیع أعطی البایع یده للمشتری... وبذلک سمی التصفیق عند بذل الطاعة بیعة ومبایعة . وحقیقة معناه اعطاء المبایع یده للسلطان مثلا لیعمل به ما یشاء"المیزان: 18، 274..
فان قلت: ولکن نحن نعلم أن الرسالة والولایة لرسول الله(ص) وکذلک الامامة لامیر المؤمنین والائمة من ولده (ع) عندنا لم تحصلا بتفویض الامة وبیعتهم بل بجعل الله - تعالی - ونصبه، بایعت الامة أم لا. فأهل المدینة فی بیعة العقبة الاولی أو الثانیة مثلا بایعوه بعد قبول نبوته وزعامته، فکانت البیعة تأکیدا للاعتراف القلبی ومیثاقا بینهما علی تنفیذ ما التزموا به.
قلت: نعم، رسول الله(ص) کان رسولا لله وولیا من قبل الله - تعالی - بلا اشکال وان لم تبایعه الامة ولم تسلم له، وکذلک الامامة لامیر المؤمنین والائمة من ولده (ع) عندنا. ولکن لما ارتکز فی أذهان الناس ثبوت الریاسة والزعامة بتفویض الامة وبیعتهم وکانت البیعة أوثق الوسائل لانشائها وتنجیزها فی عرفهم، طالبهم النبی (ص) بذلک لتحکیم ولایته خارجا. وبالجملة، اذا کان لتحقق أمر طریقان وکان أحدهما أعهد عند الناس وأوثق وأنفذ فایجاده بالطریقین یوجب تأکده قهرا، کما هو مقتضی اجتماع العلل علی معلول واحد.
وعلی هذا فامامة أمیر المؤمنین (ع) وان تحققت عندنا بنصب الله أو نصب الرسول، ولکن لما کان انشاؤها وجعلها من قبل الامة بالبیعة مما یوجب تأکدها وأوقعیتها فی النفوس واستسلام الناس لها، أخذ له رسول الله(ص) البیعة بعد نصبه. وما یقال من أن تمسک أمیر المؤمنین (ع) لاثبات خلافته فی مکاتباته ومناشداته ببیعته المهاجرین والانصار وقع منه جدلا، فلا یراد منه أنه (ع) لم یکن یری للبیعة
.jpg)
