فمن أین علمتم وجوده فی العالم ؟ و هل رأیتموه أو أخبرتکم جماعة قد تواترت أخبارها أنها شاهدته و عاینته ؟
فیقال لهم: ان أمر الدین کله بالاستدلال یعلم، فنحن عرفنا الله عز و جل بالادلة و لم نشاهده، و لا أخبرنا عنه من شاهده، و عرفنا النبی (ص) و کونه فی العالم بالاخبار، و عرفنا نبوته و صدقه بالاستدلال، و عرفنا أنه استخلف علی بن أبی طالب (ع) بالاستدلال، و عرفنا أن النبی (ص) و سائر الائمة (ع) بعده عالمون بالکتاب و السنة و لا یجوز علیهم فی شئ من ذلک الغلط و لا النسیان و لا تعمد الکذب بالاستدلال، و کذلک عرفنا أن الحسن بن علی (ع) امام مفترض الطاعة، و علمنا بالاخبار المتواترة عن الائمة الصادقین (ع) أن الامامة لا تکون بعد کونها فی الحسن و الحسین (ع) الا فی ولد الامام و لا یکون فی أخ و لا قرابة، فوجب من ذلک أن الامام لا یمضی الا أن یخلف من ولده اماما، فلما صحت امامة الحسن (ع) و صحت وفاته ثبت أنه قد خلف من ولده اماما، هذا وجه من الدلالة علیه.
و وجه آخر: و هو أن الحسن (ع) خلف جماعة من ثقاته ممن یروی عنه الحلال و الحرام و یؤدی کتب شیعته و أموالهم و یخرجون الجوابات و کانوا بموضع من الستر و العدالة بتعدیله أیاهم فی حیاته، فلما مضی أجمعوا جمیعا علی أنه قد خلف ولدا هو الامام و أمروا الناس أن لا یسألوا عن اسمه و أن یستروا ذلک من أعدائه، و طلبه السلطان أشد طلب و وکل بالدور و الحبالی من جواری الحسن (ع) ثم کانت کتب ابنه الخلف بعده