بعد فناء المعمار، و علیه فهو فاعل الحرکة لا موجد البناء، و لا تتأتی العلیة و الفاعلیة الحقیقیة بمعنی ایجاد المعدوم محضا الامن الموجودات المجردة، فالموجود المجرد له التفات و ارادة، و یوجد الشئ بمجرد التفاته الیه و ارادته له، بحیث یکون حدوثه و بقاؤه رهن التفاته و ارادته، و یفنی بمحض فناء الالتفات، کتصورک للجنینة فی عالم الخیال و الرؤیا، حیث یفنی هذا التصور بفناء الالتفات، فان هذه الجنینة بجمیع تفاصیلها، شعاع من التفاتک و ارادتک، فانت موجدها و فاعلها، و کما تقدم فان نسبة جمیع نظام العالم الخارجی - من المادة و الصورة و اشکالها المختلفة و لحمتها و سداها و مالها من الارتباط و الفعل و الانفعال ببعضها و کذا الموجودات المجردة عن المادة - الی الله کنسبة صورنا الذهنیة الی اذهاننا، و من هنا تقف علی الفرق بین الفاعلیة الحقیقیة التی هی الایجاد، و عمل المعمار فی اقامة البناء، و ما ذکرته فی اول الکلام من التمثیل بالجنینة و البناء، اردت به التقریب الی الذهن فقط، و قد قیل: "المثال یقرب من وجه، و یبعد من وجوه" و یسمی الفاعل الذی یقتصر فاعلیته علی التحریک و التصرف فی المواد الطبیعیة، فی المصطلح الفلسفی ب"الفاعل الطبیعی"، و اما الفاعل بمعنی الموجد فهو "الفاعل الالهی"، و لکن لشدة ارتباطنا بالمادة والطبیعة و أنسنا بالفاعلیات الطبیعیة، غفلنا عن الله تعالی و الفاعلیة الالهیة، حتی بات من الصعب علینا فهم هذه الفاعلیة .
برهان النظم علی اثبات وجود الله تعالی
منصور: لا یمکن لمبحث الفاعلیة اثبات وجود الله؛ اذ لا ربط للفاعلیة بوجود الله، فأنت ترید اثبات وجود مصدر للارادة عالم و قادر مسمی بالله