الانسان فی النشأة الاخرة اللذة و الالم الحسیین الجزئیین من قبیل الحور و القصور و النار و نحو ذلک، أو هو روحانی یشاهد فیه الحقائق العقلیة فقط و غیر الحسیة، کالحق تعالی و الملائکة المقربین و ما الی ذلک، و یلتذ بمشاهدتها، أو هو جسمانی و روحانی، فهو بحث آخر اختلف فیه الحکماء والمتکلمون و المحدثون.
فمن ذهب الی جسمانیة المعاد و حصره بالادراکات الجزئیة و اللذة و الالم الحسیین او الخیالیین من الحور و القصور و الحمیم و الزقوم، زعم ان روح الانسان و نفسه جسم لطیف مثل ماء الورد فی الورد او الزیت فی السمسم، حیث سیکون مدرکا للامور الحسیة و الخیالیة المذکورة فقط.
و من ذهب الی روحانیة المعاد و کونه عقلیا و منحصرا بادراک الکلیات الوجودیة من قبیل مشاهدة جمال الحق تعالی و أسمائه و صفاته و الملائکة، فزعم عدم قابلیة النفس بعد الموت لادراک الجزئیات مثل الحور و القصور و امثالها، و قام تصوره هذا علی أساس أن القوی النفسیة حالة و مستقرة فی البدن، و البدن و القوی الحالة فیه تفنی بالموت، و تنعدم بانفصال الروح عن البدن، و بما ان اعادة المعدوم مستحیلة، استحالت اعادة البدن الفانی و قواه الحالة فیه، اما النفس ذاتها فتصعد بعد الموت الی عالم المجردات و لا تدرک سوی الکلیات من حقائق الوجود غیر المحسوسة .
أما من ذهب الی أن المعاد جسمانی و روحانی، فقال: ان النفس و ان کانت تنفصل عن البدن بالموت و القیامة الصغری، و لکن عند المعاد و القیامة