صفحه ۲۰۳

یعنی: "تسلق شخص شجرة و أخذ یسرق ثمرها، فادرکه صاحب الشجرة و صاح به: أما تستحی و أنت تسرق ثماری. فأجابه السارق: أنا عبدالله و أتناول من عطائه، فعلام تلومونی حین أستطعم من مائدة الله الغنی ؟ فانهال صاحب الحقل علیه بسوطه بعد أن شده علی الشجرة، فأخذ السارق یستغیث: أما تستحی من الله و أنت تضرب انسانا بریئا؟ فقال صاحب الحقل: اضرب عبد الله، بعصی الله، و أنا لست الا آلة بیدالله. فقال السارق: لقد برئت من الجبر و ها أنا أذعن بالاختیار".

و اما المعتزلة الذین قالوا بالتفویض، و انکروا ارتباط حوادث العالم - و منها افعال الانسان الاختیاریة - بالله بقول مطلق، فلم یدرکوا معنی المعلولیة، فقد ثبت ان نظام العالم المترابط الذی هو نظام الاسباب و المسببات، معلول للحق تعالی، و ان الارتباط بین المعلول و العلة لیس أمرا عرضیا یمکن قطعه مع بقاء المعلول، بل ان حقیقة ذات المعلول فی الحدوث و البقاء عین الارتباط و التعلق بالعلة، و ان قطع ارتباطه بالعلة یساوق الفناء و العدم. و بعبارة اخری: ان المعلول لیس له استقلال، و انما هو شعاع لنور العلة، و یستحیل انفصاله عنها.

و قد ارتکبت المعتزلة مغالطة فاحشة فی التمثیل بالبناء و المصنع؛ لان البناء لیس معلولا للمعمار، فما هو المعلول للمعمار لیس سوی حرکة الید و بتبعها حرکة ادوات البناء المرتبطة فی حدوثها و بقائها بالمعمار، کما ان المصنع لیس

ناوبری کتاب