بیان ذلک أن الشک فی الحکم الشرعی تارة یکون فی بقاء أصل الجعل الشرعی بعد العلم به فیجری استصحاب بقائه و عدم نسخه و ان کان اطلاق قوله: "حلال محمد(ص) حلال الی یوم القیامة و حرامه حرام الی یوم القیامة" یغنینا عن هذا الاستصحاب.
و أخری یکون الشک فی بقاء المجعول بعد فعلیته بتحقق موضوعه. و هذا علی قسمین: لانه اما أن یکون لاجل الشک فی دائرة المجعول سعة و ضیقا کما اذا شک فی حرمة وطی الحائض بعد انقطاع الدم و قبل الاغتسال. و مرجع هذا الی الشک فی سعة الموضوع و ضیقه و أن الموضوع للحرمة واجدة الدم أو المحدثة بحدث الحیض باطلاقها، و یسمی ذلک بالشبهة الحکمیة .
و اما أن یکون لاجل الشک فی الامور الخارجیة کما اذا شک فی انقطاع الدم و عدمه، و یعبر عن ذلک بالشبهة الموضوعیة .
أما الثانیة فلا اشکال فی جریان الاستصحاب فیها.
و أما الشبهة الحکمیة فان کان الزمان فیها مفردا و الحکم انحلالیا کحرمة وطی الحائض مثلا - فان للوطی أفرادا کثیرة بحسب امتداد الزمان من أول الحیض الی آخره - فلا یمکن جریان الاستصحاب فیها، لان هذا الفرد من الوطی و هو الفرد المفروض وقوعه بعد انقطاع الدم و قبل الاغتسال لم تعلم حرمته من أول الامر حتی نستصحب بقاءها، و الافراد المتیقن حرمتها قد مضی زمانها.
و أما اذا لم یکن الزمان مفردا عرفا کنجاسة الماء القلیل المتمم کرا - فان الماء شئ واحد عرفا و نجاسته حکم واحد مستمر من أول الحدوث الی الزوال، و من هذا القبیل الملکیة و الزوجیة - فلا یجری الاستصحاب فی هذا القسم أیضا لابتلائه