و موثقة أبی بصیر، قال: سألت أبا عبدالله (ع) عن الفأرة تقع فی السمن أو فی الزیت فتموت فیه ؟ فقال: "ان کان جامدا فتطرحها و ما حولها و یؤکل ما بقی، و ان کان ذائبا فاسرج به و أعلمهم اذا بعته."الوسائل 66/12، الحدیث 3.
و فی روایة ابن عمر عن أبیه: أن رسول الله (ص) سئل عن فأرة وقعت فی سمن فقال: "ألقوها و ما حولها و کلوا ما بقی."سنن البیهقی 354/9، کتاب الضحایا، باب من أباح الاستصباح به.
و تقریب الاستدلال بهذه الاخبار أنه لو جاز الانتفاع بهذا الدهن لما أمر بطرحه لامکان الانتفاع به فی طلی السفن و الاجرب و نحو ذلک .
و أجاب المصنف عن ذلک بأن طرحه کنایة عن حرمة أکله لوضوح جواز الاستصباح به اجماعا. فالمراد اطراحها من ظرف الدهن و ترک الباقی للاکل.
و رده فی مصباح الفقاهة بما ملخصه: "أن الامر بالطرح ظاهر فی حرمة الانتفاع به مطلقا. و أما الاستصباح فقد خرج بالنصوص الخاصة . فالصحیح فی الجواب أن الامر بالطرح للارشاد الی عدم امکان الانتفاع به بالاستصباح و نحوه لقلته."مصباح الفقاهة 132/1 و 133.
أقول: المنفعة المعتد بها للادهان فی تلک الاعصار کان هو الاکل، و فی المرتبة المتأخرة الاستصباح بها، و أما طلی السفن و الاجرب و نحو ذلک فکانت منافع نادرة جدا لم تکن یلتفت الیها و لم تکن موردا للابتلاء غالبا، و محط النظر فی صحیحة زرارة مثلا - کما تری - فی فقرتیها هو جواز الاکل و عدمه، و الامر بالالقاء وقع فی قبال أکل الباقی، و الامر بالاستصباح فی الذائب منه لیس أمرا مولویا وجوبیا قطعا، بل للارشاد الی امکان الاستصباح به. و العرف بعد القاء هذه الجملة الیه لا یفهم منها الخصوصیة، بل یتبادر منها جواز کل منفعة لا تتوقف علی الطهارة .