ثم ان الاخبار المطلقة الظاهرة فی حرمة مطلق التصویر - و قد مر ذکرها - قد کثرت أیضا و یمکن القول بتواترها اجمالا و لا أقل من الاطمینان بصدور بعضها ولو واحد منها، فلا یمکن رفع الید عن جمیعها، و قد خصصناها بسبب ما دلت علی عدم الحرمة بالنسبة الی غیر ذوات الارواح، فیبقی اطلاقها حجة بالنسبة الی صور ذوات الارواح مطلقا مجسمة کانت أو غیر مجسمة .
و اختصاص أخبار الامر بالنفخ بالمجسمات - علی ما بیناه - لا یقتضی حمل الاخبار المطلقة أیضا علی المجسمات، اذ لعل ذکر المجسمات من باب ذکر المصادیق الظاهرة أو لکون الحکم فیها آکد فیحرم مطلق التصویر و هی فی المجسمات أقوی و آکد.
نعم قد استبعدنا کون مجرد التصویر و لاسیما النقش مناسبا للتهدیدات و التشدیدات الواردة فی أکثر أخبار المنع، و لذا احتملنا اختصاصها بما اذا وقع التصویر فی مقام المعارضة و المضادة لله - تعالی -، أو کانت الصور فی تلک الاعصار معرضا للتقدیس و العبادة حیث انه بقی فی نفوسهم بعض ما ورثوه من الاسلاف من الاحترام للتماثیل و الصور و طلب الحاجات منها و من قبور أکابرهم، فکان هذا الجو بمنزلة القرینة المتصلة مانعة من انعقاد الاطلاق لهذه الروایات. فان قلنا بذلک و جعلنا ما مر من الروایتین عن الصدوق و غیرهما من الاخبار شاهدا علی ذلک فهو - کما لا یبعد - و الا فالاحوط الاجتناب و لاسیما مع التجسیم و ان لم یظهر لنا حکمة هذا الحکم. هذا.