فان تلک التوعیدات و التشدیدات لا تناسب مطلق عمل المجسمة أو تنقیش الصور، ضرورة أن عملها لا یکون أعظم من قتل النفس المحترمة أو الزنا أو اللواطة أو شرب الخمر أو غیرها من الکبائر.
و الظاهر أن المراد منها تصویر التماثیل التی هم لها عاکفون، مع احتمال آخر فی الاخیرة و هو أن المراد بالمصورون: القائلون بالصورة و التخطیط فی الله - تعالی -، کما هو مذهب معروف فی ذلک العصر.
و المظنون الموافق للاعتبار و طباع الناس: أن جمعا من الاعراب بعد هدم أساس کفرهم و کسر أصنامهم بید رسول الله (ص) و أمره کانت علقتهم بتلک الصور و التماثیل باقیة فی سر قلوبهم، فصنعوا أمثالها حفظا لاثار أسلافهم و حبا لبقائها، کما نری حتی الیوم علاقة جمع بحفظ آثار المجوسیة و عبدة النیران فی هذه البلاد، حفظا لاثار أجدادهم، فنهی النبی (ص) عنه بتلک التشدیدات و التوعیدات التی لا تناسب الا الکفار و من یتلو تلوهم، قمعا لاساس الکفر و مادة الزندقة، و دفعا عن حوزة التوحید. و علیه تکون تلک الروایات ظاهرة أو منصرفة الی ما ذکر."المکاسب المحرمة 169/1 (= ط. الجدیدة 257/1).