و أما ما ذکره من أن المرسلة غیر صالحة لتقیید المطلقات، ففیه أنه بناء علی جواز العمل بها و انجبار ضعفها بعمل المشهور لا مانع من حملها علی التعبد المحض، فتصلح حینئذ لتقیید المطلقات، و مجرد الاستبعاد لا یکون مانعا عن ذلک . و انما الاشکال فی أصل وجود المرسلة کما تقدم. و أما تقیید المطلقات بها من جهة أن المرسلة تدل علی حرمة تنجیس السقف فبعید غایته."مصباح الفقاهة 126/1.
أقول: الظاهر صحة ما ذکره فی أصل التقیید بعد القول بالانجبار، اذ أمر المرسلة دائر بین الحجیة و عدمها، فعلی فرض الحجیة لا مانع من تقیید المطلقات بها و لم یظهر لنا وجه ابائها عن التقیید، فوزانها وزان سائر المطلقات و المقیدات.
و السر فی ذلک أن أئمتنا بمنزلة نور واحد و أخبارهم بمنزلة أخبار صادرة عن امام واحد و ان کانت فی مقام البیان، اذ لیست أخبارهم صادرة لبیان أحکام شخصیة فقط و ان کان ظاهرها بهذا اللسان، بل لبیان أحکام الشرع المبین لکل من یجئ الی یوم القیام، نظیر ما یصدر عن المقننین من بیان الکلیات و المطلقات ثم بیان المخصصات و المقیدات، و لذا وصوا شیعتهم بکتابتها و ایراثها لمن تأخر و علیه جرت سیرة أصحابهم فی کتابة الاصول و الجوامع. هذا.
و لکن الانصاف أن حمل المرسلة علی التعبد المحض بعید جدا و ان أصر علیه فی السرائر و تبعه فی الشرائع کما مر، اذ الظاهر منها بمناسبة الحکم و الموضوع و فهم العرف کون المنع بلحاظ النجاسة، و قد عرفت أن الغالب علی من له تعهد و التزام بالشرع المبین التحرز من الاستصباح به فی البیوت حذرا من تلویثها و تلویث