ربما یقال باقتضائها الفساد، اما لان صحة المعاملات تکون بامضاء الشارع لها و حکمه بوجوب الوفاء بها، و من المستبعد جدا اعتبار الشارع و امضاؤه لما یکون حراما و مبغوضا له، و اما لان المهم عند الشارع و العقلاء فی باب المعاملات الاثار العملیة المترتبة علیها، لا نفس الاسباب بما هی ألفاظ، و لا نفس المسببات الاعتباریة کالملکیة الاعتباریة المنشأة مثلا. و علی هذا فالنهی عنها فی الحقیقة نهی عن ترتیب الاثار المترقبة منها علیها، و مقتضی ذلک فسادها، اذ لا معنی لصحة المعاملة و اعتبار المسبب مع حرمة ترتیب الاثار علیها، فتدبر.
و أما القائل باقتضائها الصحة فربما یستدل له بأن الظاهر من النهی المتعلق بها و حرمتها حرمة المسببات أو التسبب بالاسباب الیها، و مقتضی ذلک صحتها و وقوعها باعتبارها، اذ متعلق التکلیف یجب أن یکون مقدورا للمکلف، و علی فرض فسادها و عدم وقوعها قهرا علیه لا تکون مقدورة . نعم لو تعلقت الحرمة بنفس الاسباب لم تقتض الصحة و لا الفساد. هذا.
و الاولی أن یقال - کما مرت الاشارة الیه - : ان النهی فی هذه الموارد ظاهر فی الارشاد الی المانعیة و الفساد، بتقریب أن المتبادر من الاوامر و النواهی الواردة من الشارع الحکیم المتعلقة بالعبادات المرکبة المخترعة أو بالمعاملات بنحو خاص و کیفیة خاصة، کونها للارشاد الی جزئیة الشئ الخاص أو شرطیته أو مانعیته، و لیست بصدد بیان الحکم التکلیفی، و هذا نظیر أمر المتخصص فی الادویة و المعاجین بجعل شئ خاص فی معجون خاص أو نهیه عن جعله فیه، حیث ان المتبادر من الامر فی مثله کون متعلق الامر جزء أو شرطا، و من النهی کونه مانعا و مضرا، فلا وجه لحمل النهی علی الحرمة التکلیفیة حتی یبحث عن اقتضائها الفساد أم لا.