أقول: و قد مر منا أیضا أن رفع الید عن الاخبار المستفیضة الصحیحة المفتی بها بهذه المناقشات اجتهاد فی قبال النص. و مقتضی التعلیل المستفاد من بعضها کقوله (ع) فی صحیحة الحلبی: "لا بأس به تبیعه حلالا فیجعله حراما فأبعده الله و أسحقه"،الوسائل 169/12، الباب 59 من أبواب ما یکتسب به، الحدیث 4. و قوله (ع) فی صحیحة ابن أذینة : "انما باعه حلالا فی الابان الذی یحل شربه أو أکله فلا بأس ببیعه"الوسائل 169/12، الحدیث 5. عدم اختصاص الجواز بمسألة بیع العنب أو التمر، فیعلم بذلک أن وجوب دفع المنکرات بهذه الوسعة بحیث یوجب التعجیز عن الاتیان بها غیر واضح، و الدار دار الاختیار و الاختبار فیخلی الناس و اختیارهم بعد تحقق الارشاد و النهی القولی، فتدبر.
و قال فی مصباح الفقاهة : "بعد ما علمت أنه لا دلیل علی حرمة الاعانة علی الاثم و لا علی اعتبار القصد فی مفهوم الاعانة و لا فی حکمها فلا وجه لما ذهب الیه المصنف و أتعب به نفسه من التطویل و التقسیم.
ثم علی القول بحرمة الاعانة علی الاثم فلا وجه للحکم بحرمة البیع فی شئ من الشقوق التی ذکرها المصنف، اذ الاعانة علی الاثم انما تتحقق بالتسلیم و التسلم فی الخارج، و من الواضح أن بینهما و بین البیع عموما من وجه."مصباح الفقاهة 185/1، فی المسألة الثالثة من القسم الثانی من النوع الثانی.
أقول: ما ذکره أخیرا صحیح، و یجری فی التمسک بوجوب الدفع عن المنکر أیضا، اذ الدفع انما یتحقق بعدم التسلیم.