الثانی: أن متعلق الاوامر هو الرفع المفهوم منها الدفع أو الدفع أیضا و لا یکون الدفع غیر مقدور مطلقا. و کونه فی بعض الاحیان غیر مقدور لا یوجب ارجاع الامر الی السبب بالنسبة الیه حتی یکون مفاد الامر الواحد فی المقدور شئ و فی غیره شئ آخر. و لو فرض فهم ذلک من الاوامر بالغاء الخصوصیة فلا یلزم منه الارجاع الی السبب، فان الامر کما یتعلق بآحاد المکلفین یمکن أن یتعلق بمجموع منهم، فیکون الامر واحدا و المأمور به واحدا هو المجموع. و یشترط فیه عقلا قدرة المجموع لا الاحاد فتکون الطاعة بایجاد المجموع و العصیان بترکهم أو ترک بعضهم.
أقول: لا یخفی أن الاحکام الشرعیة تابعة للمصالح و المفاسد الکامنة فی الافعال، و علی هذا فتصیر الواجبات علی قسمین:
اذ قد تکون المصلحة فی صدور الفعل عن الفاعل بقید صدوره عن نفسه کالصلاة مثلا، حیث ان الغرض منها قرب الفاعل الی مولاه.
و قد تکون المصلحة فی أصل تحقق الفعل فی الخارج بلا دخل لصدوره عن فاعل خاص فی ذلک کالامور المرتبطة بتجهیز الموتی من المسلمین و کالامر بالمعروف و النهی عن المنکر رفعا و دفعا و حفظ ثغور المسلمین و الدفاع عن المظلومین و نحو ذلک .
و یسمی القسم الاول من الواجبات بالواجبات العینیة، و القسم الثانی بالواجبات الکفائیة .