و أما ما ذکر من السیرة علی معاملة الملوک و الامراء لو سلم حصول العلم الاجمالی المذکور فلا تکشف تلک السیرة عن رضی الشارع بعد ما وردت الروایات الکثیرة فی باب معونة الظالم، حیث یظهر منها حرمة ایجاد بعض مقدمات الظلم ولو لم یقصد البائع ذلک . و ان شئت قلت: ان السیرة لیست من المسلمین المبالین بالدیانة أو قلت: ان تلک السیرة مردوعة بالروایات المستفیضة ..."المکاسب المحرمة 133/1 (= ط. أخری 199/1)، فی النوع الثانی من القسم الثانی.
أقول: ما ذکره "ره" من کون علماء الیهود و النصاری قاصرین غیر آثمین و لا معاقبین لا یمکن المساعدة علیه، اذ کیف یمکن القول بکون علمائهم العائشین فی البلاد الاسلامیة و مجاورتها و لاسیما فی أعصارنا قاصرین غیر مطلعین مع بسط الاسلام و انتشار خبر ظهور نبینا بکتاب جدید و شریعة جدیدة ؟ بل العوام منهم أیضا الا ما قل و ندر قد سمعوا خبر الاسلام و الدین الجدید بعد المسیح (ع). و الاحتمال فی الامور المهمة منجز عقلا و فطرة، فکان علیهم البحث و الفحص. و بالجملة فأکثرهم مقصرون الا من لم یقرع سمعه اسم الاسلام و المسلمین.
و الحق أن یجاب بأن الامثلة التی ذکروها فی المقام مختلفة متفاوتة بحسب نظر العرف و ان اشترک الجمیع فی ایجاد شرط من شروط الحرام. ففی بعضها لا تصدق عنوان الاعانة علی الاثم عرفا کتجارة التاجر و سیر الحجاج و الزوار مع علمهم بأخذ الضرائب و الکمارک منهم، حیث ان التاجر مثلا یکون مشتغلا بحرفته الحلال مقبلا علی شأنه و لکن الظالم هو الذی یسد علیه الطریق قهرا فیضطر لدفع شره الی اعطاء الضریبة له.
و من هذا القبیل أیضا بناء المساجد و المدارس و المشاهد و نحوها و اقامة مجالس الارشاد و الوعظ و التعزیة بقصد القربة مع العلم بأنه قد یحضر فیها من یتفکه
.jpg)
