و ما أبعد ما بین ما ذکره المعاصر و بین ما یظهر من الاکثر من عدم اعتبار القصد: فعن المبسوط الاستدلال علی وجوب بذل الطعام لمن یخاف تلفه بقوله (ص): "من أعان علی قتل مسلم ولو بشطر کلمة جاء یوم القیامة مکتوبا بین عینیه: آئس من رحمة الله." |1|
الاقدام فیها تبرعا و قربة الی الله - تعالی -، و هذا اصطلاح خاص دارج بیننا، فلا یجوز أن یجعل ملاکا و مقیاسا لمفهوم الاعانة بحسب اللغة و العرف العام، فلعلها بحسب اللغة موضوعة لکل ما له دخل فی تحقق الفعل من الغیر، و الایة تحمل علی المفهوم اللغوی و العرف العام. و حمل الاستعمالات الکثیرة الواردة فی الروایات علی الاستعارة و المجازیة یحتاج الی دلیل متقن.
ثم انه "قده" بعد اختیار اعتبار القصد فی مفهوم الاعانة استدرک علی کلامه هذا فقال: "ثم انه علی القول باعتبار القصد و تحقق الاثم فی مفهومها لقائل أن یقول بالقاء القیدین حسب نظر العرف و العقلاء بالمناسبات المغروسة فی الاذهان، بأن یقال: ان الشارع الاقدس أراد بالنهی عن الاعانة علی الاثم و العدوان قلع مادة الفساد و المنع عن اشاعة الاثم و العدوان. و علیه لا فرق بین قصده الی توصل الظالم بعمله و عدمه مع علمه بصرفه فی الاثم و العدوان. فالنهی عن الاعانة انما هو لحفظ غرضه الاقصی و هو القلع المذکور فیلقی العرف خصوصیة قصد التوصل."المکاسب المحرمة 143/1، (= ط. أخری 214/1).
أقول: فیرجع کلامه الاخیر الی أن القصد و ان أخذ فی مفهوم الاعانة لغة لکن المنهی عنه شرعا فی الحقیقة أعم من ذلک .
|1| راجع أطعمة المبسوط، و سنن ابن ماجة . و رواه فی الوسائل عن أبی عبدالله (ع).المبسوط 285/6؛ و سنن ابن ماجة 874/2، کتاب الدیات، الباب 1؛ و الوسائل 9/19، الباب 2 من أبواب القصاص فی النفس، الحدیث 4.