فان قلت: علی هذا لا یمکن تجویز الشارع ترک النهی عن المنکر.
قلت: هو کذلک لو کان المبغوض فعلیا و لم یکن للنهی مفسدة غالبة . فلو ورد منه تجویز الترک یکشف عن مفسدة فی النهی أو مصلحة فی ترکه.
ثم ان العقل لا یفرق بین الرفع و الدفع، بل لا معنی لوجوب الرفع فی نظر العقل، فان ما وقع لا ینقلب عما هو علیه. فالواجب عقلا هو المنع عن وقوع المبغوض سواء اشتغل به الفاعل أو هم بالاشتغال به، أو علم کونه بصدده و کان فی معرض التحقق. ولو بنینا علی أن وجوب النهی عن المنکر شرعی فلا ینبغی الاشکال فی شمول الادلة للدفع أیضا لو لم نقل بأن الواجب هو الدفع، بل یرجع الرفع حقیقة الیه، فان النهی عبارة عن الزجر عن اتیان المنکر و هو لا یتعلق بالموجود الا باعتبار ما لم یوجد، فان الزجر عن ایجاد الموجود محال عقلا و عرفا. فاطلاق أدلة النهی عن المنکر شامل للزجر عن أصل التحقق و عن استمراره. بل لو فرض عدم اطلاق فیها من هذه الجهة و کان مصبها النهی عن المنکر بعد اشتغال الفاعل به، فلا شبهة فی الغاء العرف خصوصیة التحقق بمناسبات الحکم و الموضوع."المکاسب المحرمة للامام الخمینی "ره" 136/1 (= ط. الجدیدة 203/1 - 206).
أقول: قد تحصل من کلامه "ره" عدم الفرق فی المقام بین الرفع و الدفع، بل مرجع الرفع أیضا الی دفع المنکر بحسب وجوده البقائی.