ثم لا یخفی أن حمل الاستاذ "ره" القیام المذکور فی الایة علی العقوبة الاخرویة و أن أکلة الربا یقومون فی القیامة قیام من صرعه الشیطان و مسه أمر ذکره أکثر المفسرین أخذا من بعض الاخبار الواردة .
و لکن من المحتمل أن یکون المقصود من القیام فی الایة قیامهم فی مسیر الحیاة و التفکر فی النظام الاقتصادی و کونه علی سبیل الانحراف و التعدی عن الطریق المعتدل، حیث لم یتوجهوا الی أن الاثمان و النقود وسائل و الات للمبادلات الاقتصادیة النافعة و لیست بنفسها أهدافا. و الاصل فی المبادلات جلب الامتعة التی یحتاج الیها المجتمعات من البلاد النائیة و حفظها و توزیعها علی الوجه الصحیح، و انما جاز الاسترباح فیها عوضا عما یتحمله التجار من المشقات و تشویقا لهم فی الاقدام علی ذلک، و هو المراد بقوله: (أحل الله البیع) . فترک هؤلاء التولیدات و التجارات النافعة و صرفوا هممهم فی تکثیر النقود و الاثمان و جعلوها مقصودة بالذات و قاسوا عملهم الانحرافی بالبیوع و التجارات النافعة، فهذا فکر انحرافی خارج عن الاعتدال یقوم به أکلة الربا فی مسیر الحیاة و قد ولهوا فی عملهم هذا و أولعوا به بحیث یشبه حرکاتهم و أعمالهم فی هذه النشأة حرکات المصروعین و السکاری. نعم یمکن أن یکون قیامهم فی الاخرة أیضا کذلک، اذ الحشر فی القیامة یقع علی وفق الملکات التی حصلها الافراد فی هذه النشأة . و لتحقیق هذا المعنی مقام اخر، هذا.
و الی هنا تعرضنا لاربع ایات شریفة من الکتاب العزیز بعنوان الضابطة للمکاسب. فلنشرع فی شرح الروایات التی تعرض لها الشیخ الاعظم فی المقام و هی أیضا أربع روایات: