و العقد و العهد و المیثاق متقاربة المعنی و ان فرض اختلافها مفهوما. فاما أن یراد المواثیق المأخوذة منهم فی فطرهم علی أن یؤمنوا بالله و یوحدوه و یطیعوه فی أوامره و نواهیه. و اما أن یراد المواثیق المأخوذة منهم بعد الایمان بالانبیاء علی العمل بما جاؤوا به من أحکام الله - تعالی - .
و بالجملة فیشکل الحکم بقطع ارتباط الجزء الاول من الایة الاولی من السورة عما بعده و الحکم بکونه ناظرا الی العقود المتعارفة المصطلحة فقط التی تتعاقدها الناس بینهم. نعم، یمکن تفسیرها بنحو یشمل هذه العقود أیضا کما یأتی بیانه.
الجهة الخامسة و هی العمدة فی المقام: قد مر عن مجمع البیان قوله: "و أقوی الاقوال قول ابن عباس أن المراد بها عقود الله التی أوجبها الله علی العباد فی الحلال و الحرام و الفرائض و الحدود. و یدخل فی ذلک جمیع الاقوال الاخر."مجمع البیان 151/2 (الجزء الثالث).
و مقتضی هذا الکلام أن القول الثالث أعنی العقود التی یتعاقدها الناس بینهم أیضا داخل فی هذا القول بلحاظ صیرورتهابعد امضاء الشرع لها من عقود الله التی أوجبها الله علی العباد.
و علی هذا فالعقود فی الایة الشریفة ناظرة الی ما شرعها و أنفذها الشارع ولو امضاء مع قطع النظر عن هذه الایة، فلا یجوز التمسک بهذه الایة لصحة العقود التی لم تکن فی عهد الشارع و لم یثبت صحتها بامضائه کعقد التأمین مثلا.
و یرد هذا الاشکال علی ما مر من تفسیر المیزان أیضا، حیث أدخل عقود المعاملات أیضا فی المواثیق الدینیة التی أخذها الله علی عباده، فما لم یثبت صحة المعاملة شرعا