و أما ما فی مصباح الفقاهة فقابل للمناقشة، اذ ما ذکره الصیقل و ولده من الاضطرار و من عدم جواز غیرها ذکرا مقدمة لبیان ما بعدهما من السؤال عن حلیة عملها و شرائها و بیعها و مسها بأیدیهم و ثیابهم و هم یصلون. و انما یتطرق هذا الاشکال و السؤال لو فرض الاضطرار الی خصوص المیتة . و أما الاضطرار الی جلود البغال و الحمر الاهلیة الذکیة فلا یوجب اشکالا یحوج الی السؤال، فتأمل. هذا.
و قد یقال: لو فرض الاضطرار المبیح للمحظورات فهو یصلح لان یرفع التکلیف فقط و لا یصلح لان یصحح المعاملة الفاسدة .
أقول: یمکن منع ذلک لدلالة بعض الاخبار المعتبرة علی کون الاضطرار رافعا للوضع أیضا:
ففی صحیحة محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبدالله (ع) عن الرجل و المراءة یذهب بصره فیأتیه الاطباء فیقولون: نداویک شهرا أو أربعین لیلة مستلقیا، کذلک یصلی ؟ فرخص فی ذلک و قال: (فمن اضطر غیر باغ و لا عاد فلا اثم علیه.) الوسائل 699/4، الباب 7 من أبواب القیام، الحدیث 1. و الایة المذکورة من سورة البقرة (2)، رقمها 173.
و فی موثقة سماعة قال: سألته عن الرجل یکون فی عینیه الماء فینتزع الماء منها فیستلقی علی ظهره الایام الکثیرة أربعین یوما أو أقل أو أکثر فیمتنع من الصلاة الایام الا ایماء و هو علی حاله. فقال: "لا بأس بذلک، و لیس شئ مما حرم الله الا و قد أحله لمن اضطر الیه."الوسائل 690/4، الباب 1 من أبواب القیام، الحدیث 6.
و راجع موثقة أبی بصیر أیضاالوسائل 690/4، الحدیث 7. و المقصود بالحرمة و الحل فی أمثال هذه الروایات هو الاعم من التکلیف و الوضع کما مر.