الثانی: ما مر فی عبارة المصنف و محصله عدم جواز الانتفاع بالمیتة، فلا تکون مالا عند المتشرعة المتعبدین بالشرع. لدوران مالیة الاشیاء مدار الانتفاعات الحاصلة منها. و اذا لم تکن مالا صار أخذ الثمن بازائها أکلا للمال بالباطل.
و یرد علی ذلک أولا: ما مر منا بالتفصیل من جواز الانتفاع بها فیما لا یتوقف علی الطهارة، و به أفتی کثیر منا کما مر.
و حینئذ فربما یرغب فیها من لا یجدها فیجوز بیعها منه، لما مر من أن المعاملات لیست بابداع الشارع و اختراعه، بل هی أمور عرفیة عقلائیة اخترعها العقلاء لرفع الحاجات و تبادل الاعیان و المنافع، و یکفی فی صحتها عدم ردع الشارع عنها. مضافا الی عموم أدلة العقود و التجارة .
اللهم الا أن یقال بردع الروایات الاتیة عنها، فانتظر.
و ثانیا: ما مر من أن الظاهر من الباء فی قوله - تعالی - : (بالباطل) بقرینة استثناء التجارة عن تراض کونها للسببیة لا للمقابلة، فتکون الایة بصدد المنع عن أکل الاموال بالاسباب الباطلة من القمار و السرقة و نحوهما. و لا نظر لها الی ماهیة العوضین و أن لهما مالیة أم لا. نعم لو لم یکن یترتب علی الشئ غرض عقلائی أصلا بحیث عدت المعاوضة علیه سفهیة أمکن القول ببطلانها لذلک .
الثالث: اتفاق المسلمین علی نجاسة المیتة مما له نفس سائلة، فتشملها الادلة العامة التی أقاموها علی عدم صحة بیع النجس، و منها روایة تحف العقول الماضیة و قد ذکر فیها