8 - و فیه أیضا بسنده عن جابر بن عبدالله أنه سمع رسول الله (ص) یقول عام الفتح و هو بمکة : "ان الله حرم بیع الخمر و المیتة و الخنزیر و الاصنام." فقیل: یا رسول الله، أرأیت شحوم المیتة ؛ فانه یطلی بها السفن و یدهن بها الجلود و یستصبح بها الناس ؟ فقال: "لا، هو حرام." ثم قال رسول الله (ص) عند ذلک : "قاتل الله الیهود، ان الله لما حرم علیهم شحومها أجملوه ثم باعوه فأکلوا ثمنه." و فی روایة أخری عن جابر نحو ذلک و لم یقل: "هو حرام."سنن أبی داود 250/2 و 251، کتاب الاجارة، باب فی ثمن الخمر و المیتة . و روایة جابر رواها مسلم أیضا و ابن ماجة .صحیح مسلم 1207/3، کتاب المساقاة، باب تحریم بیع الخمر...، الحدیث 71؛ و سنن ابن ماجة 732/2، کتاب التجارات، باب ما لا یحل بیعه، الحدیث 2167.
أقول: جمله و جمله و أجمله: أذابه. و المترائی من هذه الروایة أن الشحوم المحرمة علی الیهود کانت من قبیل المیتة .
و روایة جابر هی التی ذکرها أبواسحاق فی المهذب دلیلا لبطلان بیع النجس مطلقا بقیاس سائر النجاسات علی ما ذکر فیها کما مر.
و محصل الدلیل الثالث عشر الغاء الخصوصیة من هذه الروایات المستفیضة المتعرضة لجمع من أفراد النجس باستظهار أن العلة فی منعها هی النجاسة .
هذا، و لکن المتبادر من الجمیع منع بیعها بلحاظ المنافع التی کانوا یشترونها غالبا لاجلها و یرتبونها علیها فی تلک الاعصار من الاکل و الشرب و نحوهما، فالاستدلال بها علی کون عنوان النجاسة بنفسها موضوعا مستقلا للمنع عن المعاملة قابل للمناقشة .
و قد عرفت أن المهم من هذه الادلة هو الاجماع المدعی و الشهرة المحققة بین الفریقین. و قد مرت المناقشة فیهما أیضا.