صفحه ۱۵۰

..........................................................................................

و أما أمر المصنف أخیرا بالتأمل فلعله اشارة الی ما ذکره الاعلام فی المقام:

قال المحقق الایروانی فی حاشیته: "المستحب هو عنوان الزراعة و الرعی دون التکسب بهما و أخذ الاجرة علیهما و دون التعیش بهما بصرف الحاصل منهما فی المعاش."حاشیة المکاسب للمحقق الایروانی / 3.

و قال أیضا: "الواجب فی الصناعات الواجبة کفایة هو نفس القیام بالصنعة و تصدیها و عدم التأبی عنها دون عنوان التکسب بها و أخذ الاجرة علیها. الا أن یقال: ان القیام المجانی ربما یزید فی اختلال النظام؛ و لکن مع ذلک لا یکون التکسب بعنوان نفسه واجبا، بل یجب بعنوان اقامة النظام. ولو بنی علی التمثیل للواجب بما وجب بمثل هذه العناوین دخل فی الواجب ما وجب بالنذر و الیمین و بعنوان الانفاق علی العیال الواجب النفقة و لاجل أداء الدین."حاشیة المکاسب للمحقق الایروانی / 3.

أقول: لقد أجاد فیما أفاد.

و یمکن أن یقال فی الزرع أن الندب الیه لعله من جهة توفیر أرزاق الناس و ما یقوم به حیاتهم و تعیش البهائم و الطیور و ان وقع العمل علیه مجانا، و یشعر بذلک بعض ما مر من الاخبار.

و فی الرعی أیضا لذلک، أو لتحصیل ملکة الانقیاد و التواضع للنفس و تمرینها علی الاخلاق الحسنة و حسن المعاشرة و العطف علی الضعفاء. فان المعتاد بتربیة الحیوانات و الانس بها یصیر لامحالة واسع النفس مقتدرا علی المعاشرة مع الروحیات النازلة السافلة و الطبقات المختلفة الاهواء و الاراء و یصیر بذلک نافعا لنفسه و للمجتمع. و ذلک أمر مرغوب فیه شرعا.

و یدل علی ذلک ما ورد من مباشرة الانبیاء العظام لرعی الاغنام کخبر عقبة عن أبی

ناوبری کتاب