الایة الثانیة
قوله - تعالی - فی سورة النساء: (یا أیها الذین امنوا لا تأکلوا أموالکم بینکم بالباطل الا أن تکون تجارة عن تراض منکم.) سورة النساء (4)، الایة 29.
أقول: 1 - أصل الاکل: التغذی بالشئ بالتقامه و بلعه. و حیث انه مستلزم للتسلط علی الشئ و افنائه شاع استعماله فی افناء الشئ مطلقا فیقال: أکلت النار الحطب، و یقال: أکل زید مال عمرو، اذا استولی علیه و تصرف فیه تصرف الملاک فی أموالهم المستلزم أحیانا لاعدامها و افنائها، و ذلک بعنایة أن الاکل أشد ما یحتاج الیه الانسان و أعم تصرفاته فی الاشیاء. و هذا الاستعمال شائع عند العرف و العقلاء حتی الفصحاء منهم. و علی أساسه شاع استعماله فی الکتاب و السنة أیضا. فالمقصود فی الایة، النهی عن الاستیلاء علی مال الغیر بالطرق الباطلة .
2 - و لا یخفی أن حرمة أکل المال الحاصل بالاسباب الباطلة کنایة عن فسادها عند الشرع و عدم تأثیرها فی النقل. کما أن حلیته بالتجارة عن تراض کنایة عن صحتها عنده و تأثیرها فی النقل، فذکر اللازم و أرید الملزوم.
و بعبارة أخری: ظاهر النهی فی أمثال المقام، الارشاد الی فساد الاسباب لا التکلیف المحض.