ثم لایخفی: أن ما ذکر کان علی فرض اثبات التحریم من جهة الاعانة علی الاثم أو المسامحة فی دفع المنکر، و أما اذا استفدنا من الروایات الحاکیة للعن رسول الله (ص) الخمر و غارسها و عاصرها و بائعها و مشتریها کون بیع العنب لها أیضا مبغوضا و محرما بالذات بطریق أولی ولو لم یکن عن قصد - کما مر بیانه - فالحرمة وقعت - علی هذا - علی نفس عنوان البیع فکان الامر أوضح، لما مر من الوجهین لبیان أن حرمته تلازم الفساد، فتدبر.المکاسب المحرمة، ج 2، ص 373 الی 379.
الفائدة الخامسة : أنحاء مقدمة الحرام
1 - کیفیة جعل الاحکام الواقعیة و مسألة التصویب.
2 - أدلة البرائة فی قبال ملاکات الاحکام الواقعیة ."نفس المصدر، ص 19.
ان الاحکام الواقعیة - کما ثبت فی محله - لیست مقیدة بعلم المکلفین و الا لزم التصویب المجمع علی بطلانه، و هی عند العدلیة تابعة للمصالح و المفاسد النفس الامریة، و الغرض من البعث او الزجر لیس الا تحصیل المصالح الملزمة و الاجتناب عن المفاسد.
غایة الامر أن الجاهل بجهله ربما یکون معذورا ظاهرا و غیر معاقب علی المخالفة بسبب جهله.
و أما المکلف العالم بالحکم و الموضوع فکما یحرم علیه مخالفة الاوامر و النواهی الواردة بالمباشرة فکذلک یحرم علیه التسبیب الی مخالفتها بالقاء الجاهل فیها، لان مناط الحرمة لیس الا حفظ أغراض المولی.
و أدلة البراءة و ان جرت بالنسبة الی الجاهل المباشر و لایکون عاصیا لکن الحکم الواقعی باق بملاکه، فکما لایجوز للعالم مخالفة التکلیف بنفسه لایجوز له أیضا القاء الجاهل فیها.