المخاصمات اذ من الواضح حجیة البینة فی المرافعات و علیها یعتمد القضاة و یحکم بها للمدعی مع کون المدعی علیه ذا ید غالبا - و الید أمارة عقلائیة شرعیة - و مع کون الاصل معه.
فاذا کانت حجة مع وجود المعارض ففی غیره تکون حجة بطریق أولی.
و ظاهر اعتبار الشارع لها فی اثبات الحقوق و أسباب الحدود اعتبارها طریقا الی الواقع و محرزا له فیثبت بها اللوازم و الملزومات أیضا کسائر الامارات.
و قد کثرت الاخبار الواردة فی اثبات الدعاوی و الحقوق و موجبات الحدود بالبینات.
و فی صحیحة هشام بن الحکم عن أبی عبدالله (ع) قال: قال رسول الله (ص): " انما أقضی بینکم بالبینات و الایمان. الحدیث" ألوسائل، ج 18، ص 169، الباب 2 من أبواب کیفیة الحکم...، الحدیث 1. اللهم الا أن یراد بالبینة فی کلامه (ص) مطلق الحجة کما ربما یشهد بذلک قوله (ص) بعد هذه الجملة : "و بعضکم ألحن بحجته من بعض. الحدیث" هذا. و لیست الایمان فی عرض البینات اذ الیمین لایثبت بها الواقع و لاتقبل من المدعی الا فی موارد خاصة و انما یعتمد علیها للنفی قطعا للخصومة بعد ما لم یکن للمدعی بینة علی اثبات حقه.
کیف ؟ و بالبینات تسفک الدماء و تباح الاموال و تهتک الاعراض. و لو لا حجیتها و احرازها للواقع لم یترتب علیها هذه الاثار المهمة .
نعم ربما حدد الشرع اعتبارها فی بعض المقامات ببعض القیود لاهمیتها فتراه مثلا اعتبر فی الزنا و اللواط مثلا کون الشهود أربعة، و اعتبر الذکورة فی بعض الموارد دون بعض، و لکن المستفاد من جمیعها اعتبارها طریقا لاحراز الواقع و کاشفا عنه.
و بما ذکرنا یظهر المناقشة فیما قد یقال من أن الحجیة فی باب المرافعات لاتقتضی الحجیة مطلقا اذ المرافعات لا بد من حلها و فصلها لامحالة و الا لاختل النظام فلعل البینة جعلت حجة فیها لذلک کالایمان.
وجه المناقشة : أن الظاهر من أدلة البینة فی المرافعات و فی أبواب الحدود کونها وسیلة لاثبات الحقوق و موجبات الحدود فهی حجة مطلقا و لذا یعتمد علیها فی فصل القضاء لا أنها جعلت لفصل القضاء فقط و الفرق بینها و بین الایمان واضح کما مر فتأمل.
.jpg)
