أقول: ما ذکره (ره) بطوله لاتقنع به النفس، بداهة أن الجسم الخاص - کالحنطة مثلا - اذا تنجس بالملاقاة لایری الوجدان لحیثیة کونه حنطة دخلا فی تأثره بالنجاسة العارضة بحیث لو کان شعیرا مثلا لم یتأثر بذلک، بل المتأثر بها بحسب الوجدان هی الحیثیة المشترکة بین الحنطة و الشعیر أعنی کونه جسما ملاقیا لنجس، و هذا بخلاف الخواص و الاثار الثابتة للاجسام فان خاصیة الحنطة ثابتة لها بما أنها حنطة، کما أن خاصیة الشعیر تثبت له بما أنه شعیر. و بالجملة فاختلاف الاجسام فی الخواص و الاثار تابع لاختلافها فی الصورة النوعیة المقومة لکل منها، و هذا بخلاف التأثر من النجاسة العارضة بالملاقاة فان الاجسام مشترکة فی ذلک و هذا یکشف عن کون معروضها الحیثیة المشترکة أعنی الجسمیة، فتدبر. هذا.
و لکن لایخفی أن بناء نظام الطبیعة علی أساس تبدل الاجسام و تغیرها و وقوع الذوات النجسة و المتنجسة فی طریق تکون النبات و الحیوان و الانسان، فکما تقع العذرات و الابوال و المیتات و غیرها فی طریق تکون النباتات و الحیوانات و تصیر من أجزائها بالاستحالة فکذلک الامر فی المتنجسات:
فینجذب التراب أو الماء المتنجس الی الاشجار و تنمو بها ثمارها، و تشرب أو تأکل البهائم و الطیور و الدجاجات من المیاه أو الاغذیة المتنجسة کثیرا بمرأی و منظر المسلمین فی جمیع الاعصار حتی فی أعصار الائمة (ع) و مع ذلک جرت سیرتهم علی معاملة الطهارة مع ثمار الاشجار و لحوم الحیوانات و ألبانها و أبوالها و أرواثها و بیض الدجاجات فیکشف هذا عن کون الاستحالة فی المتنجسات أیضا رافعة لحکمها، و لایمکن القول بکون القذارة و الخباثة فی المتنجس أشد من النجس.