توضیح ذلک : أن التبدل قد یقع فی أوصاف الشی و العوارض الشخصیة أو الصنفیة له مع بقاء الحقیقة النوعیة بحالها، کتبدل القطن خیطا أو ثوبا أو الحنطة دقیقا أو خبزا مثلا، و قد یقع فی الصورة النوعیة المقومة للشی عرفا، کتبدل النبات أو لحم الحیوان الی جزء من حیوان آخر بأکله له، أو تبدل الکلب الی التراب أو الملح بوقوعه فی المملحة .
فالقسم الاول لایوجب الطهارة لبقاء النجس بحاله و ان تبدلت عوارضه. و أما القسم الثانی فیطلق علیه الاستحالة و عدوها من المطهرات.
و السر فی ذلک أن الحکم - کالنجاسة مثلا - تابع لموضوعه من العذرة و البول و الدم و أمثال ذلک، فاذا ارتفع الموضوع ارتفع الحکم قهرا، و المفروض أن بالاستحالة الذاتیة ینعدم عند العرف و العقلاء موضوع النجاسة و یتحقق موضوع جدید، فان کان لنا علی طهارة الموضوع الجدید بعنوانه العام دلیل اجتهادی حکمنا بطهارة هذا الشی بما أنه مصداق له، و الا فأصل الطهارة یکفی فی الحکم بطهارته لجریانه فی الشبهات الحکمیة أیضا.
بل و مع الشک فی تحقق الاستحالة الذاتیة أیضا ربما یقال بالطهارة، اذ لا نحتاج الی احراز عنوان الاستحالة لعدم ذکرها فی الادلة . فاذا شککنا فی بقاء موضوع النجاسة لم یحرز شمول دلیلها له، و لایجری استصحابها و لا استصحاب موضوعها، اذ هو ابقاء ما کان فیعتبر فیه بقاء الموضوع عرفا بحیث یتحد القضیة المشکوکة مع المتیقنة، و المفروض فی المقام هو الشک فی بقاء الموضوع هذا.
و لکن الظاهر جریان استصحاب الموضوع مع الشک فیه، اذ القضیة فی قولنا: "هذا کان کلبا" و ان کانت هلیة مرکبة لابسیطة لکن الموضوع فیها هی الصورة الجنسیة لا النوعیة و هی المشار الیها بقولنا: "هذا"، و مع الشک فی الاستحالة هی باقیة قطعا فنقول: هذا الجسم الخارجی کان کلبا و الان نشک فی بقائه کلبا فنستصحب بقاء الصورة النوعیة له فیجری علیها حکمها، فتدبر.
و لو استحال النجس الی نجس آخر کلحم المیتة أکله الکلب فصار جزء لبدنه أو الماء النجس شربه فصار بولا له کان محکوما بالنجاسة أیضا و لکن بنجاسة جدیدة یترتب علیها آثارها لا آثار النجاسة الاولیة . هذا.