و أما قوله: "من طریق القیاس"، فلعله أراد به أعم من القیاس و الاستحسانات العقلیة الظنیة .
و قد صار لفظ الاجتهاد، و کذا الرأی فی أعصار أئمتنا(ع) ظاهرین فی هذا المعنی. و بهذا المعنی وقع النهی عنهما فی روایاتناألوسائل، ج 18، ص 20، الباب 6 من أبواب صفات القاضی..
و أما الاجتهاد بمعنی افراغ الواسع و الطاقة فی استنباط الاحکام من أدلتها الشرعیة من الکتاب و السنة و العقل القطعی فهو أمر واجب ضروری لامنع فیه و لیس لاحد انکاره.
و عن أبی عبدالله (ع): "انما علینا أن نلقی الیکم الاصول و علیکم أن تفرعوا."ألوسائل، ج 18، ص 41، الباب 6 من أبواب صفات القاضی، الحدیث 51.
و عن الرضا(ع): "علینا القاء الاصول و علیکم التفریع."ألوسائل، ج 18، ص 41، الباب 6 من ابواب صفات القاضی، الحدیث 52.
و الروایات الواردة فی الارجاع الی الکتاب و السنة فی غایة الکثرة . و علی هذا فالاجتهاد عندنا غیر الاجتهاد باصطلاح السنة .
و أما ما ذکره أخیرا فکأنه أراد به نفی ارادة التصویب. و البحث فیه یأتی فی العنوان التالی.
ألتخطئة و التصویب
لایخفی أن المسائل الدینیة علی قسمین: فقسم منها مسائل أصلیة ضروریة أجمع علیها جمیع فرق المسلمین و دل علیها نص الکتاب العزیز أو السنة المتواترة القطعیة أو العقل السلیم، و القسم الاخر فروع اجتهادیة استنباطیة تحتاج الی اعمال الاجتهاد و النظر و استنباطها من الاصول المبینة فی الکتاب و السنة أو من حکم العقل القطعی.
أما القسم الاول ، فلاخلاف فیها و لااشکال و لامجال فیها للاجتهاد و الاستنباط.
و أما القسم الثانی المتوقف علی اعمال الاجتهاد و النظر، فلامحالة قد یقع فیها الخلاف لاختلاف فی معانی بعض الالفاظ، أو للاختلاف فی صحة الحدیث و ضعفه، أو لاختلاف الروایات المنقولة، أو للاختلاف فی أسباب الترجیح عند التعارض، أو للاختلاف فی حجیة