و لکن مع ذلک لا یضر هذا الاشکال بأصل الحکم بعد ما ثبت بعموم الکتاب و اجماع الفرقة المحقة و الاخبار المستفیضة کما مر.
و لعل الحکم ثبت فی عصر النبی (ص) بنحو الاقتضاء و الانشاء المحض، و لکن لما کان تنفیذه و اجراؤه موجبا للحرج بسبب الفقر النوعی أو لاستیحاش المسلمین منه لکونهم حدیثی العهد بالاسلام، أو کونه (ص) مظنة للتهمة حیث ان الخمس کان بنفع شخصه و أهل بیته فلاجل ذلک أخرت فعلیته و تنفیذه الی عصر الائمة "علیهم السلام".
و أحکام الاسلام تدریجیة و ربما اخرت فعلیة بعضها حتی الی عصر ظهور الامام المنتظر لعدم تحقق شرائطها قبل ذلک .
و یمکن أن یقال أیضا: ان هذا الخمس ضریبة سلطانیة وضعها الائمة المتأخرون من العترة الطاهرة بما هم أئمة العباد و ساسة البلاد شرعا حسب الاحتیاج فی أعصارهم، حیث ان الزکوات و الاموال العامة و سائر الضرائب الاسلامیة قد انحرفت عن مسیرها الاصلی و صارت تحت اختیار خلفاء الجور و عمالهم، و لذلک تری الائمة (ع) محللین له تارة و مطالبین له أخری.
و قد احتملنا نظیر ذلک فی خمس المعادن و الکنوز أیضا بناء علی کونهما من الانفال و کون الخمس فیهما بعنوان حق الاقطاع و اجازة التصرف فیهما.
و مقتضی ذلک جواز تجدید النظر فی ذلک بحسب مقتضیات الزمان و الشرائط.
و لکن یبعد هذا الاحتمال استدلالهم (ع) لهذا الخمس و کذا لخمس الکنز بالایة الشریفة و تطبیقهم الایة علیهما. اللهم الا أن یکون الاستدلال بها وقع جدلا لاقناع من فی قلبه مرض و ریب من سعة اختیارهم (ع)، أو یراد بذکر الایة تثبیت الحکم انشاء و اقتضاء و ان کانت فعلیته من قبلهم علیهم السلام.
.jpg)
