صفحه ۹۳

الی أن یبدلها الی رموز طبیعیة . و لهذا فقد اصطنع لنفسه أشکالا من الخشب والحجر والمواد الطبیعیة و أخذ یقدسها. ان قیام الانسان بهذا العمل نابع من هذه الذات التی فیه والتی تبحث - بطبیعتها - عن الکمال والتعالی. فهو یحب أن یکون له رب جلیل و أن یعبده، و فی الوقت نفسه یستطیع الوصول الیه والاحساس به...

النزعة الحسیة عند الانسان دفعته الی اتخاذ أشیاء طبیعیة کمظاهر ترمز الی قوی ما وراء الطبیعة . و قد أدی المزج بین هذه النوازع الذاتیة الجامحة و مظاهر الطبیعة الی ظهور الشرک . و یعود سبب ذلک طبعا الی رغبته فی رؤیة الاشیاء التی یرغب فیها و یمیل الیها. و هو یحمل مثل هذا التصور عن الله أیضا؛ اذ یظنه مرئیا و ملموسا و حسیا.

ذکر الله عزوجل عن بنی اسرائیل أنهم قد شاهدوا معجزات کثیرة علی ید النبی موسی (ع)، غیر أنهم رغم کل ذلک طلبوا منه أن یریهم الله (فقد سألوا موسی أکبر من ذلک فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ) .سورة النساء (4)، الایة 153. و جاء فی قسم آخر من قصتهم بأنهم ما ان أنجاهم الله من ظلم آل فرعون، و فلق لهم البحر لیعبروه، و أهلک من لاحقوهم، وقعت أبصارهم علی قوم کانوا یعبدون الاصنام، فاستهواهم ذلک العمل و طلبوا من موسی أن یجعل لهم الها مثل اله هؤلاء القوم: (و جاوزنا ببنی اسرائیل البحر فأتوا علی قوم یعکفون علی أصنام لهم قالوا یا موسی اجعل لنا الها کما لهم آلهة قال انکم قوم تجهلون ) .سورة الاعراف (7)، الایة 138.

عند الحدیث عن عدم القدرة علی رؤیة الله أو بعبارة أخری: لماذا لم یکن الله مرئیا؟ لابد من أخذ عدة ملاحظات بنظر الاعتبار:

1 - أن ادراک الانسان محدود. فالعین تستطیع رؤیة الاجسام فی ظروف معینة کأن تکون علی درجة معینة من الوضوح والقرب والحجم. فالاجسام الصغیرة لایمکن رؤیتها بالعین المجردة، و کذلک الاشیاء البعیدة والاشیاء التی لم تخلق بعد. فلابد اذا من توفر بعض الشروط لرؤیة أو لمس أو سماع أو شم الاشیاء. و من غیر المنطقی انکار وجودها بسبب عدم توفر الظروف المناسبة، أو عدم مقدرة الحواس علی أن تقوم بدورها، أو

ناوبری کتاب