صفحه ۴۹۸

الضرورات الاجتماعیة تمنع القیود. و توزیع الثروات والمقدرات العامة مهمة دقیقة، و تحتاج الی تدبیر سلیم من قبل المسؤولین. و ینبغی - طبعا - ترجیح رضا العامة علی رضا الخواص.

و یجب بطبیعة الحال مراعاة الاختلاف فی القدرات والاستعدادات؛ لان هذه الظاهرة طبیعیة و معقولة، و تتماشی مع العدل والانصاف. فلیس المراد من العدالة الاجتماعیة النظر الی الاستعدادات بعین واحدة و تجاهل الاختلاف فی الطاقات والقدرات. و مع ذلک لابد من الانتباه الی عدم فرض رغبات و میول غیر عادلة علی المجتمع تحت ذریعة هذه المتطلبات الصحیحة .

یمکن من خلال الحسابات الصحیحة والاحصائیات الدقیقة استشراف النتائج التی تتمخض عن القرارات والاجرأات السیاسیة، والاقتصادیة والثقافیة، و معرفة مدی تطابقها أو عدم تطابقها مع الاهداف والغایات المنشودة . فالقرار الصحیح یؤثر ایجابیا فی حرکة المجتمع، و أدنی خطاء یرتکب فی هذا المجال تظهر تأثیراته. هذا یستدعی طبعا الوقوف بوجه استمرار و تراکم القرارات الخاطئة، تلافیا لوقوع المزید من الخسائر.

جاء فی حدیث عن الامام الباقر(ع): "ما اوسع العدل، ان الناس یستغنون اذا عدل فیهم و تنزل السماء رزقها و تخرج الارض برکتها باذن الله تعالی".الصدوق، من لایحضره الفقیه، ج 2، ص 53، باب الخراج والجزیة، الحدیث 1677؛ الکلینی، الکافی، ج 3، ص 568، الحدیث 6؛ الطوسی، تهذیب الاحکام، ج 4، ص 136، الحدیث 380.

تجدر الاشارة الی أن الشعوب الاسلامیة مرت بعهود من الظلم والتمییز أدت الی ظهور طبقات تفصلها فوارق شاسعة من الفقر والغنی. والمتصدون العادلون لایتسنی لهم ادعاء تطبیق العدالة دون أخذ الماضی بنظر الاعتبار.

المجتمع الذی أرسیت فیه رکائز کل أنواع التمییز، و ظهرت فواصل طبقیة عمیقة بین شرائحه، اذا أرید تطبیق العدالة فیه، لابد من معرفة الاسباب الجذریة والتعویض عما فات. و أحیانا تتطلب الحاجة توجیه المقدرات الی مناطق عاش الناس فیها فی فقر و حرمان مریرین.

ناوبری کتاب