طبعا للموکل بممارسة الاجرأات نفسها فی ما یخص مورد الوکالة ؛ بمعنی أن هذا العقد لایسلب الحق من الموکل، و یحق لکل واحد منهما القیام بالعمل فی ما یخص مورد الوکالة، و متی ما شاء الموکل یمکنه عزل الوکیل وسلب الصلاحیة منه، و لکن قلما یشاهد وجود مثل هذه العلاقة فی سیاقات عمل الحکومة ؛ اذ غالبا ما یحصل الوکلاء من موکلهم علی حق ممارسة دورهم، بدون أن یکون للموکلین حق عزلهم - طیلة مدة التوکیل أو النیابة - أو یکون لهم حق ممارسة دورهم فی مورد الوکالة .فی الحکومة الدینیة یثبت هذا الحق للحاکم طالما لم یفقد الشروط اللازمة لتولی المسؤولیة، و مادام ملتزما بمفاد مبایعة الشعب له.
المناصب الحکومیة التی فوضها و یفوضها أبناء الشعب لنوابهم، تتخذ فی الحقیقة حالة تختلف عن الوکالة باصطلاحها الشرعی، و تتشابه معها فی الاسم فحسب. فالانتخابات أو مبایعة الحاکم و ان کانت تعنی توکیل الامور و تفویضها الی شخص آخر، غیر أن هذا یختلف اختلافا أساسیا عن مسألة الوکالة، و یبدو أنه لایمکن اعتبار قضیة الحکومة نوعا من أنواع الوکالة .
اذا اعتبرنا أی نوع من تفویض الاعمال للاخرین و کالة، فهذا المعنی یشمل أیضا الاجارة واستخدام الاجیر والعامل لانجاز الاعمال الشخصیة، فی حین أن الرأی الفقهی لایقصد هذا النوع من التوکیل طبعا. و هذا الاختلاف موجود فی تفویض الشؤون الاجتماعیة أیضا.
ب - الحکومة، عقد لازم
ان طبیعة الحکومة تقتضی اللزوم والثبات؛ و الا لایتسنی اقرار النظم الاجتماعی. و لهذا فان الطریقة الاساسیة وربما الوحیدة فی سیرة العقلاء وتاریخ الحکومة هی اعتبار العلاقة والقوانین ذات الصلة بالحکومة والشعب أمورا الزامیة .
والعقود اللازمة قد تکون دائمیة، تارة، و قد تکون مؤقتة تارة أخری، و قد تکون مطلقة حینا و مقیدة حینا آخر؛ أی لایمکن الغاء العقد بدون دلیل و مستند قانونی، و