صفحه ۴۵۱

مما أکدت علیه الشریعة المقدسة . و هذا ما یستلزم طبعا دراسة تاریخ الحضارات البائدة والحاضرة، والتنقیب فی الجوانب السلبیة والایجابیة فیه. فالتجارب البشریة تکشف لنا أن حب التسلط من الغرائز التی لاتعرف الحدود، و فیها من المغریات أکثر مما فی غیرها، و هذا ما یجعل منها خطرا یفوق غیره من المخاطر. و لذلک یجب اتخاذ کل التدابیر الوقائیة لکبحها والسیطرة علیها، و من جملة ذلک الفصل بین السلطات، و حریة الصحافة، و تحدید مدة معینة لها، و غیر ذلک من الاجرأات والاسالیب التی کشفت عنها التجارب البشریة .

و من ناحیة أخری، لدی الشعوب المتقدمة فی عالم الیوم تجارب یمکن أن تکون ذات فائدة للدول المتخلفة . و هذا یستلزم طبعا الاخذ بأسالیبهم و مناهجهم مع رعایة القیم والخصائص الثقافیة .

الفصل بین السلطات

من التجارب البشریة المفیدة هی فکرة الفصل بین السلطات، و عدم ترکیز السلطات کلها بید شخص واحد. و مع أن رسول الله (ص)، و أمیرالمؤمنین (ع) کانا یجمعان فی أیدیهما منصب الافتاء (التشریع)، والتنفیذ، والقضاء، و لکنهما کانا معصومین، اضافة الی أن الحکومة کانت بسیطة و بعیدة عن التعقید الذی تتصف به الحکومة فی الوقت الحاضر. و ترکیز السلطة بید غیر المعصوم یؤدی الی الفساد عادة . و أفضل الحلول لمعالجة مشکلة الاستبداد و ادارة شؤون البلاد علی نحو سلیم، هو أن یتم الفصل بین السلطات، بحیث تکون کل واحدة من السلطات مستقلة و لها طاقاتها و مقدراتها - وفقا لما یرسمه القانون ورأی الشعب - و لاتتدخل أی منها فی عمل الاخری.

و لاشک فی أن اشراف کل واحدة من السلطات علی الاخری، واستقلال کل واحدة منها عن الاخری یأتی بنتائج طیبة للمجتمع، و من تلک النتائج تقلیص النفقات بسبب تحاشی تکرار الاعمال. ثم ان کل واحدة من هذه السلطات تستمد مشروعیتها من ارادة الشعب، و هناک علاقة منطقیة بین مناصب الافراد و مسؤولیاتهم أمام أبناء الشعب، و بالنتیجة یحترز الحکام من النزعة الذاتیة التی تتعارض عادة مع ارادة الشعب، اضافة الی

ناوبری کتاب