هو ما قد یؤدی بالنتیجة الی عدم بروزها بوضوح، أو قد یحل محلها بدیل زائف کمن یشعر بالجوع فیتناول أطعمة تسد الشهیة بدلا من تناول أطعمة مفیدة .
ب - أن یأتی سلوک الانسان و رد فعله من مزیج من المشاعر والقوة العقلیة . و متی ما سار الشعور والعقل سیرا متزنا بعیدا عن الافراط والتفریط، یکون فعلهما منسجما، و ینتهج الانسان علی أثر ذلک منهجا معتدلا، و یتصرف تصرفا عقلانیا فی الوقت المناسب، أو یتصرف وفقا للمشاعر والاحاسیس فی الموضع المناسب أیضا.
و عند التعامل مع المفاهیم والمقولات الدینیة، اذا کان هناک انسجام بین العقل والمشاعر، سیکون موقع الدین فی النفس قویا و رصینا، و لکن لو تم تجاهل أحدهما فسوف یخرج عن حد الاتزان، فاذا عطل العقل و تعامل مع الدین من منطلق المشاعر فلن یجد فیه سوی مجموعة من الشعارات والغیبیات والخوارق. و من الطبیعی أن مثل هذا التوجه یخلق فجوة بین الدین والعقلانیة، و یظهر الدین و کأنه مما لایمکن الدفاع عنه دفاعا عقلیا.
کما أن التعامل العقلی الصرف مع الدین، یجعل المرء یقف حائرا و لایجد اجابة مقنعة ازاء الکثیر من المفاهیم ذات الطابع التعبدی المحض. و نتیجة لعدم اقتناع العقل، یجد الانسان نفسه مدفوعا الی الاعراض عن الدین. کما أن النظرة العقلیة الصرفة الی الدین قد تصور الحاجات الفطریة للانسان، و کأنها أشیاء وهمیة فیعرض عنها، ثم یحاول اصطناع بدیل عن الدین. و قد حذرت النصوص الدینیة من هذه النزعة، فقد روی عن الامام السجاد(ع) أنه قال: "ان دین الله لایصاب بالعقول الناقصة"المجلسی، بحارالانوار، ج 2، ص 303، الحدیث 41. والمراد من ذلک هو ان یستعان لهذه المهمة بمحض العقل و لیس بالعقل المحض. فالباری عزوجل یجعل اعتبارا للعقل المحض، أما ما یضل الانسان فهو الاکتفاء بمحض العقل.
قال الامام الصادق (ع): "واعلموا انه لیس من علم الله و لا من أمره أن یأخذ أحد من خلق الله فی دینه بهوی و لا رأی و لا مقائیس".الحر العاملی، وسائل الشیعة، الباب 6 من أبواب صفات القاضی، ج 27، ص 37، الحدیث 2.