: (ان النفس لا مارة بالسوء الا ما رحم ربی ) .سورة یوسف (12)، الایة 53. و تسمی هذه النفس بالامارة ؛ و بها تربط الاهواء والنزوات، و هذه النفس تسعی الی تحقیق رغائبها. و اذا خضعت أعضاء الانسان وجوارحه الی هیمنة النفس الامارة، تستحوذ علیها و تسوقها الی تنفیذ کل ما تملیه علیها، و تسوق الایدی والاعین والارجل الی ارتکاب المعاصی، و تدفع اللسان الی اقتراف قبائح کالغیبة والتهمة والشتم والاساءة . و هذه أسواء حالات النفس، و هی التی تسوق الانسان الی الضیاع و تجعل منه عبدا للشهوات والاهواء و وحشا کاسرا، بل قد تؤدی نفس أمارة واحدة الی افساد خلق کثیر. و اذا لم یقف الانسان ضد أهوائه النفسیة و ترک العنان للنفس الامارة فسیصبح أکثر خطورة من أی وحش کاسر.
النفس اللوامة
للنفس وظیفة أخری ذات جانب ایجابی، و هو ما یسمی بالنفس اللوامة : (لا أقسم بیوم القیامة و لا أقسم بالنفس اللوامة ) .سورة القیامة (75)، الایتان 1 - 2. و کلمة اللوامة صیغة مبالغة - کما هو الحال بالنسبة الی النفس الامارة - أی کثیرة اللوم. و هذه النفس اذا اضطلعت بدورها و لم یتضأل تأثیرها بفعل الجوانب الاخری، فهی کفیلة بالارتقاء بالانسان الی مستوی الکمال. و هی تلوم الانسان و تعنفه. کما یعبر عنها أحیانا باسم الضمیر أو الوجدان.
و تأثیر النفس اللوامة هی أن الانسان اذا اقترف قبیحا یلتفت الی خطئه و یتوجه باللوم الی ذاته، و لکن یحتمل فی الوقت ذاته أن تفقد هذه النفس تأثیرها علی مر الزمن، و یتلاشی دورها بسبب تکرار الفعل القبیح .
خلق الله للانسان قدرات تحول بینه و بین الخروج عن حدود الانسانیة . و لاشک فی أن اللوم الذی تبدیه النفس یخلق لدی المرء حالة من التوبة والانابة التی تؤدی بدورها الی تهیئة الظروف للامتناع عن تکرار الذنب. اذا فالنفس اللوامة تسوق الانسان نحو الکمال؛ و لهذا أقسم بها الله عزوجل شأنه.