والحسن والقبح ؟ و لماذا هذا الشئ حسن و ذلک الشئ قبیح ؟ و ما منشاء اعتبار الاوامر والنواهی الاخلاقیة ؟ و هل الامور الاخلاقیة نسبیة أم مطلقة ؟ و کیف ینظر الی الجمال ؟ و لماذا یری البیض مصادیق معینة للجمال و یری السود مصادیق أخری للجمال، مما لایوافقهم غیرهم علیها؟ و نحن هنا فی هذا الکتاب نتناول علم الاخلاق. و أما فلسفة الاخلاق فعلی الرغم مما تتصف به من الروعة والجذابیة الا أنها خارج هدف و موضوع هذا الکتاب.
الانسان مجبول بالفطرة علی حب الجمال، و قد أبدع الکثیر من معالم الجمال المسموعة والمرئیة فی مختلف المجالات. و لاشک فی أن نشوء وتطور الکثیر من الفنون الجمیلة کالرسم، والموسیقی، والنحت، و فن العمارة و غیرها منبثقة أساسا من هذه الفطرة و جاءت بهدف اشباع هذا المیل. والانسان حسب طبیعته البدائیة یستشعر اللذة والارتیاح من أمور، والنفور من أمور أخری. و علی هذا الاساس یقسم الامور الی جمیلة و قبیحة، و حسنة و سیئة . و هذا التقسیم ینطبق علی ما هو محسوس و علی ما هو غیر محسوس. فعندما نری شخصا یعمل من أجل الاخرین و یمد لهم ید العون، نکرم هذه النزعة الانسانیة فیه و نری عمله جمیلا. و من جانب آخر اذا رأینا شخصا یضرب شخصا ضعیفا من غیر سبب نستقبح عمله. و کذلک نصف بالعدل من یحکم بین الناس بعیدا عن مؤثرات الحب والبغض و بحسب الشواهد والادلة، و نصف بالظلم من یفعل خلاف ذلک . و أساس السلوک الاخلاقی هو الحسن والقبح اللذان یقرهما العقل والفطرة . والصفة الاخلاقیة الفاضلة هی ما یستحسنها الاخرون، و أما الصفة الاخلاقیة الرذیلة فهی ما یستقبحها الاخرون.
ان منطلقات سلوک الناس لیست من نمط واحد. فبعضها تنطلق من دوافع حسیة و من غیر وعی و ارادة، کالصیاح عند مواجهة خطر مفاجئ، و اغماض العینین تلقائیا عند الاصطدام بشئ خارجی. و بعض الافعال الاخری مبعثها الغریزة والمیول الذاتیة کالاکل والشرب عند استشعار الجوع والعطش، والدفاع عن الذات عند مجابهة خطر.
و هناک نوع آخر من السلوک مبعثه الفطرة کحب الجمال وحب الحقیقة . والتوجهات والسلوکیات المنطلقة منها خاصة بالانسان دون سواه من الکائنات. و ما یلاحظ من